للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذلك بأن يهدم من حائط الجرن جانب من القش فيلقى حوله على الأرض بعد سدّ شقوقها بنحو تبن، ويسمى ذلك القش الملقى على الأرض هاية، ويركب عليه النورج ويديرها البقر حتى تتكسر العيدان ويسقط الحب من السنبل، ثم تشال الهاية وينزل غيرها، وتغير البقرتان ببقرتين وهكذا حتى يفرغ الجرن ويصير حلقة فارغة الوسط، ويسمى جميع ذلك تكسيرا، ثم تفرش من المكسر هاية على الأرض من الداخل ويدار عليها النورج ويبالغ فى تكسيره حتى ينعم ولا يبقى سنبل ولا أبراج تغطى الحب فتشال الهاية، بأن تجمع فى وسط الجرن وينزل غيرها ويغير البقر وهكذا حتى يفرغ الجرن ويسمى ذلك ردا، وتارة يديمون الدّرس ليلا ونهارا، وتارة نهارا فقط من طلوع الفجر إلى قرب العشاء، وأجرة النورج فى اليوم والليلة مدّ صرفى، وهو قيراطان من الإردب كما مر، وكذا أجرة كل بقرة وكل رجل، فللجميع تسعة أمداد فى اليوم والليلة، ولكن تؤخذ من القرقرة وهى الحب الغلث الذى يتحصل من كناسة ما حول الجرن، وغالب الناس لا يذرى جرنه إلا بعد نزول النقطة ليلة اثنتى عشرة من بؤونة لاعتقادهم أن البركة تنزل حينئذ.

وفى بعض البلاد يصنع ليلة نقل الغلة من المجرنة إلى البيوت طعام يسمى عشاء الجرن يأكل منه من حضر ويوسعون فى مدة التذرية وإدخال الغلال على أنفسهم وعيالهم فى المآكل والملابس ويوفون ديونهم والأموال الميرية، وكذلك عند إدخال الذرة الصيفية أو النيلية، وذلك أنهم بعد رعى البرسيم رأسا وخلفه يزرعون مكانه الذرة الصيفية ويسقونها بالشادوف نحو اثنتى عشرة مرة حتى تستوى وتدرك بعد مكثها مزروعة نحو مائة يوم، ويدخلون غلالها البيوت فى أوائل مسرى، وأرباب الجزائر المنخفضة يزرعونها بعليا أى: لا تحتاج إلى سقى، وبعد إدخالها يخرجون لزرع الذرة النيلية الطويلة والشامية فتمكث نحو مائة يوم أيضا، وقد يزرعون مكانها برسيما أو شعيرا أو فولا أو عدسا أو حلبة ولا يزرع مكانها القمح إلا نادرا، وتزرع البامية والملوخية، وأما القطن فزرعه قليل فى بلاد الصعيد ولا يزرع بها الأرز أصلا ولا عادة لهم بزرع القلقاس ونحوه، وبالجملة فلكل جهة/زرع يعتاد فيها.