ثم إن عوائد البلاد تختلف عند إدارة الحصاد ففى بعضها يخرجون جميعا لحصاد قبالة، فإذا فرغوا منها سرحوا لغيرها ويرون ذلك أصون للزرع، وبعض البلاد لا يعتبر ذلك بل كل أحد يسرع لغيطه فى أى قبالة بلا حرج عليه، والقبالة طائفة من أطيان البلد لها اسم يخصها وتشتمل على جملة غيطان لجملة أشخاص ويخرج ربّ الزرع أو وكيله، بجماعة من الحصادين على حسب زرعه، فيحصدون من طلوع الشمس إلى وقت العصر، وأجرة الحصاد الواحد قيراط من الإردب وهو ربع ويبة مما يحصد فيه من قمح أو شعير، وقد يعطى من الشعير حزمة من القت يخرج منها نحو القيراط والكثير فى حصد الفول أن يعطى حزمة كذلك، ويسرح وراء الحصادين نساء وأطفال يلتقطون ساقط السنبل وبعض أهل البلاد يتركون لهم ما يلتقطونه، وبعضهم يأخذ منهم ويعطيهم الأجرة، ويجعلون وراء الحصادين رباطا يجعل الحصيد قتّا بربطه بحبال من الحلفاء بعد أن يجعله الحصادون أغمارا وذلك فى القمح والشعير، وأما الفول فيربط بعضه ببعض وتسمى الحزمة منه غمرا، ويسمى حمل البعير منه حملا، ويسمى حمل القمح أو الشعير حلة بكسر الحاء وهى اثنان وثلاثون قتة، وأجرة الجمل وجماله على نقل الحلة إلى المجرنة قتة واحدة يختارها الجمال مما حمله، ويجمع الجمال جميع القت الذى أخذه أجرة ويجعله جرنا صغير يسمى بالدريخة ويدرسه ويذريه، ويقسم بينه وبين ربّ الجمل تارة نصفين وتارة للجمل أكثر مما للجمال على حسب تجهيز الرحل المسمى عندهم بالشاغر، وهو العدة التى توضع على البعير ليتأتى الحمل عليه، وتشتمل على حبل من ليف يسمى الفراط، وحبل آخر يسمى الدائر وعلى خطاطيف من خشب، فإن جهزها الجمال فله نصف المتحصل من أجرة مشاله، وإن جهزها رب الجمل فللجمال الثلث فقط.
والمجرنة محل يتخيره أهل البلد لوضع الجرون فيه للدرس والتذرية، فيضعونها متقاربة مثل دور البلد بحارات وشوارع ويبيت الرجال عندها مدة إقامتها، وهى نحو شهرين، ويدرسونها بآلة من الحديد والخشب تسمى النّورج، يديرها بقرتان أو فرسان، ولكل نورج أربع بقرات وأربعة رجال ينوب اثنان عن اثنين.