ثم إن عسكرهم دخلت المدينة وملأت الطرقات وسكنوا البيوت ولم يشوشوا على أحد، ودخل الاطمئنان على الناس وفتحت البيوت والدكاكين وصار البيع والشراء.
وفى يوم السبت اجتمعوا بالديوان وطلبوا دراهم سلفة مقدار خمسمائة ألف ريال من التجار المسلمين والنصارى وأخذوا فى تحصيلها، ثم نادوا برد المنهوبات وتوريدها ببيت قائم مقام ونادوا على نساء الأمراء بالأمان وأنهن يسكن بيوتهن، وإن كان عندهن شئ من متاع أزواجهن يظهرنه ومن لم يكن عندها شئ تصالح على نفسها، وظهرت الست نفيسة زوجة مراد بيك وصالحت على نفسها وأتباعها من سائر الأمراء والكشاف بمبلغ مائة وعشرين ألف ريال فرانسى، ووجهوا الطلب على بقية النساء ليعملوا مصالحات معهن ومع الغزو الأجناد المختفين والغائبين وتعطى لهم أوراق بختم المقيدين بالديوان.
وفى يوم الأحد طلبوا الخيول والجمال والسلاح والأبقار والأثوار، وفتشوا على السلاح وكسروا دكاكين سوق السلاح وغيره وأخذوا ما وجدوه واستخرجوا الخبايا والودائع بمعرفة البنائين والمهندسين والخدام.
وفى يوم الثلاثاء طلبوا أهل الحرف من التجار بالأسواق وقرروا عليهم دراهم على سبيل القرض والسلفة، ثم شرعوا فى تكسير بوابات الدروب والعطف واستمروا على ذلك عدة أيام وهكذا من هذه الأحوال التى تعقب الحروب والتغلبات والاستيلاء القهرى إلى آخر ما هو مبسوط فى الجبرتى وغيره وبعضه فى مواضع من كتابنا هذا فليراجع.