للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ورشة الجوخ ببولاق، ولم يكن بهذا المحل الاستعداد اللازم، وكان غير معتنى بأمر المجاذيب، فأنشئت هذه الاسبتاليا فى بعض السراية الحمراء، التى أنشأها الخديوى اسماعيل، ثم أحرقت، وعرفت باسبتالية المجاذيب.

والخامسة اسبتالية اليهود، وهى بحارة اليهود.

وكان يطلق فى الأزمان السالفة على هذه المحلات الخيرية، اسم المارستان، وقد تكلم المقريزى على ذلك فى خططه، فقال إن أول من بنى المارستان بمصر أحمد بن طولون سنة مائتين وإحدى وستين، وجعله فى القطائع، وصرف عليه ستين ألف دينار وحبس عليه عدة دور يقوم ريعها بنفقته، وعمل له حمامين: واحد للرجال، وآخر للنساء، وشرط أنه إذا جئ بالعليل ينزع ثيابه ونفقته، وتحفظ عند أمين المارستان، ثم يلبس ثيابا، ويفرش له، ويغدى عليه ويراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يبرأ. فاذا أكل فروجا ورغيفا أمر بالانصراف وأعطى ماله وثيابه. وكان يركب بنفسه كل يوم جمعة، ويتفقد خزائن المارستان، وما فيها والأطباء، وينظر إلى المرضى، وسائر الأعلة والمحبوسين من المجانين.

فلما كانت الدولة الإخشيدية بنى كافور الإخشيد فى مدينة مصر سنة ست وأربعين وثلثمائة مارستانا.

ولما استولى الفاطميون بنوا بالقاهرة مارستانا، وفى سنة سبع وسبعين وخمسمائة فى زمن صلاح الدين يوسف ابن أيوب، أمر بفتح مارستان للمرضى والضعفاء، وأفرد برسمه من أجرة الرباع الديوانية مشاهرة مبلغها مائتا دينار، واستخدم له أطباء وطبائعيين وجرّاحين، ومشارفا وعاملا وخداما، وأمر بفتح المارستان القديم الذى كان بها، ورتّب له من ديوان الأحباس عشرين دينارا، واستخدم له طبيبا وعاملا ومشارف.

وفى سنة ثمانين وستمائة فى زمن السلاطين الجراكسة بنى المارستان المنصورى، وأوقف عليه من الأملاك بديار مصر وغيرها ما يقرب ريعه فى كل سنة ألف ألف درهم - والدرهم فى هذا التاريخ يعدل ثمانية وأربعين سنتيما، وهذا القدر يعدل أربعة وعشرين ألف بنتو ذهبا - وجعله وقفا على كافة طبقات الناس، ورتب فيه العقاقير والأطباء وسائر ما يحتاج إليه من به مرض من الأمراض، وجعل فيه فراشين من الرجال والنساء لخدمة المرضى، وقرر لهم المعاليم، ونصب الأسرّة للمرضى، وفرشها بجميع الفرش المحتاج إليها فى المرض، وأفرد لكل طائفة من المرضى موضعا، فجعل مواضع للمرضى بالحميات