ونحوها، وأفرد قاعة للرمدى، وقاعة للجرحى، وقاعة لمن به إسهال، وأخرى للمبرودين، وأفرد للنساء قسما مخصوصا، وجعل الماء يجرى فى جميع هذه الأماكن، وأفرد مكانا لطبخ الأطعمة والأدوية والأشربة، وغير ذلك.
وفى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة عمل المؤيد شيخ مارستانا تحت القلعة - محل مدرسة الأشرف شعبان.
ثم من ابتداء القرن التاسع أهمل أمر المارستانات، وفى زمن الفرنساوية تخرّب المارستان المنصورى، وتغيرت معالمه، وكان الموجود به من المرضى نحو ستين مريضا، وكان قسمين؛ قسم للرجال وقسم للنساء، وكل قسم له حوش مخصوص، وكانت المرضى تقيم فى محلات من الدور الأرضى، من عير فروشات والمجانين فى جهة مخصوصة، الرجال فى قسم منها، والنساء فى قسم آخر، وكان عددهم عشرة، وفى رقابهم الحديد، وكانت النساء تكاد أن تكون عرايا.
وصدر أمر رئيس الجيوش إلى رئيس الحكماء بأن يتوجه، ويعرض عليه ما يلزم، فتوجه ومعه الشيخ عبد الله الشرقاوى، وبعد أن عاين المارستان قرر أنه يكفى لمائة مريض، وكان الموجود فيه سبعة عشر مريضا، وأربعة عشر مجنونا، سبعة من النساء، وسبعة من الرجال، ولم يعطوا شيئا غير المأكل، وهو عبارة عن خبز وأرز وعدس، وعدد محلات المجانين من الرجال ثمانية عشر خلوة، ومثلها للنساء.
وفى خطط الفرنساوية أن عبد الرحمن كتخدا أنشأ اسبتاليا للنساء، وكانت تحت الربع، وكان بها حينذاك ستة وعشرون من المرضى، وكان يطلق عليها اسم تكية (أقول): والظاهر أنها هى تكية الجلشانية الموجودة الآن.
وفى خطط الفرنساوية أيضا أن بعض المرضى كان بتكية الحبانية، وبتكية الأعجام.
ويعلم مما سبق أنه من ابتداء القرن التاسع لم يعتن بأمر المرضى، مع أن السلاطين من آل عثمان اعتنوا بهذا الأمر اعتناء كبيرا، فقد وجد فى دفاتر الروزنامجة أن مقدار الحبوب المتحصلة من أوقاف المساجد والمارستانات والتكايا مائة وأربعة، وخمسون ألف أردب وثلثمائة وتسعة وثلاثون أردبا، وغير ذلك خمسمائة أردب وسبعة، من وقف إبراهيم باشا على أثر النبى، ومائتان وخمسة وعشرون أردبا للعلماء الأربعة، الموظفين بالإفتاء فى المذاهب، وأربعة وستون ألف أردب لشريف الحرمين الشريفين. هذا فضلا عن النقود التى كانت تتحصل من ريع الأوقاف، وتحفظ تحت يد الروزنامجى، وكان مبلغها خمسة عشر ألفا، وخمسمائة وسبعة وتسعين فرنكا.