ولم يزل رضوان كتخدا وقسيمه إبراهيم كتخدا على إمارة مصر ورآستها حتى مات إبراهيم كتخدا، فتداعى بموته ركن المترجم وظهر شأن عبد الرحمن كتخدا القازدغلى وراج سوق نفاقه، وأخذ يعضد مماليك إبراهيم بيك كتخدا ويغريهم ويحرضهم على الجلفية لكونهم مواليه، ليخلص له بهم ملك مصر فيظن أنهم يراعون حق ولائه وسيادة جده، فكان الأمر عليه بخلاف ذلك، وكانوا يظهرون له الانقياد ويرجعون إلى رأيه ومشورته ليتم لهم المراد، وكل من أمراء إبراهيم كتخدا والأكابر وأصحاب الوجاهة متطلع للرياسة: مثل حسن كتخدا أبى شنب، وعلى كتخدا الخربتلى، وإسماعيل كتخدا مناو، وخليل جاويش حصان مصلى، وبيت الهياتم وبيت درب الشمس، وعمر جاويش الدّاودية، وبيت قصبة رضوان وبيت الفلاح وغيرهم، فأخذ اتباع إبراهيم كتخدا يدبرون فى اغتيال رضوان كتخدا وإزالته، فتنبه رضوان كتخدا لذلك واتفق مع حلفائه وملك القلعة والأبواب والمحمودية وجامع السلطان حسن وكاد يتم له الأمر، فسعى عبد الرحمن كتخدا والاختيارية فى إجراء الصلح، ولم يزالوا به حتى انخدع بكلامهم وصدقهم ففرق الجمع ونزل إلى بيته الذى بقوصون، فاغتنموا الفرصة وبيتوا أمرهم ليلا، وملكوا القلعة والأبواب والجهات والمترجم فى غفلته، فلم يشعر إلا وهم يضربون عليه بالمدافع وكان المزين يحلق له رأسه فسقطت على داره الجلل، فأمر بالاستعداد فلم يجد، فطلب من يركن إليهم فلم يجد أحدا، ووجدهم قد أخذوا حوله الطرق فحارب فيهم إلى قريب الظهر، وخامر عليه أتباعه فضربه مملوكه صالح الصغير برصاصة من خلف الباب الموصل لبيت الراحة فأصابته فى ساقه وهرب مملوكه إلى الأخصام، وكانوا أوعدوه بإمرة إن قتل سيده، فلما حضر وأخبرهم أمر على بيك بقتله، وعندما أصيب المترجم طلب الخيول وركب فى خاصته وخرج إلى جهة البساتين فلم يتبعه أحد ونهبوا/داره، ثم ذهب إلى جهة الصعيد فمات بشرق أولاد يحيى فى السنة المذكورة ودفن هناك، فكانت مدته بعد قسيمه ستة أشهر، وتفرقت صناجقه بعضهم إلى الحجاز وبعضهم إلى بغداد وغيرها، فكانت مدتهما جميعا نحو سبع سنوات انتهى ملخصا من الجبرتى.