ولم تزل مدينة أيلة عامرة آهلة، وفى سنة خمس عشرة وأربعمائة طرق عبد الله بن إدريس الجعفرى أيلة ومعه بعض بنى الجراح ونهبها وأخذ منها ثلاثة آلاف دينار وعدة غلال وسبى النساء والأطفال، ثم إنه صرف عن ولاية وادى القرى فسارت إليه سرية من القاهرة لمحاربته.
قال القاضى الفاضل: وفى سنة ست وستين وخمسمائة أنشأ الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب مراكب مفصلة وحملها على الجمال وسار بها من القاهرة فى عسكر كبير لمحاربة قلعة أيلة؛ وكانت قد ملكها الإفرنج وامتنعوا بها، فنازلها فى ربيع الأول وأقام المراكب وأصلحها وطرحها فى البحر، وشحنها بالمقاتلة والأسلحة وقاتل قلعة أيلة فى البر والبحر حتى فتحها فى العشرين (١) من شهر ربيع الآخر، وقتل من بها من الإفرنج وأسرهم وأسكن بها جماعة من ثقاته، وقواهم بما يحتاجون إليه من سلاح وغيره، وعاد إلى القاهرة فى آخر جمادى الأولى.
وفى سنة سبع وسبعين وصل كتاب النائب بقلعة أيلة: أن المراكب على تحفظ وخوف شديد من الفرنج ثم وصل الإيرنس لعنه الله إلى أيلة وربط العقبة، وسير عسكره إلى ناحية تبوك وربط جانب الشامى لخوفه/من عسكر يطلبه من الشام أو مصر، فلما كان فى شعبان من السنة المذكورة كثر المطر بالجبل المقابل للقلعة بأيلة حتى صارت به مياه استغنى بها أهل القلعة عن ورود العين مدة شهرين، وتأثرت بيوت القلعة لتتابع المطر، ووهت لضعف أساسها فتداركها أصحابها وأصلحوها انتهى.
وفى كتاب درر الفرائد المنظمة فى أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة قال صاحب تقويم البلدان: وأيلة كانت مدينة صغيرة وكان بها زروع يسيرة، وهى على ساحل بحر القلزم وعليها طريق حاج مصر، وهى فى زماننا برج وبه وال من مصر، وليس بها زروع، وكان بها قلعة فى البحر فعطلت ونقل الوالى البرج إلى الساحل اه.
(١) الصحيح: فى العشر الأول من ربيع الآخر. انظر: العينى: عقد الجمان، ج ١، ص ٦٣ (العصر الأيوبى).