ولنذكر لك طرفا مما يتعلق باستخراج الدجاج لما فيه من الفائدة فنقول:
قال عبد اللطيف البغدادى فى رحلته فيما تختص به مصر من الحيوانات ما نصه (١): «من ذلك حضانة الفراريخ بالزبل، فإنه قلما ترى فى مصر فراريج عن حضانة الدجاجة، وربما لم يعرفوه أيضا، وإنما ذلك عندهم صناعة ومعيشة يتجر فيها أو يتكسب منها، وتجد فى كل بلد من بلادهم مواضع عدة تعمل ذلك، ويسمى الموضع معمل الفرّوج وهذا المعمل ساحة كبيرة يتخذ فيها من البيوت التى يأتى ذكرها، ما بين عشرة أبيات إلى عشرين بيتا، فى كل بيت ألفا بيضة، ويسمى بيت الترقيد.
وصفته أن يتخذ بيت مربع، طوله ثمانية أشبار فى عرض ستة فى ارتفاع أربعة، ويجعل له باب فى عرضه، سعته شبران وعقده فى مثله، وتجعل فوق الباب طاقة مستديرة قطرها شبر، ثم تسقف بأربع خشبات وفوقها سدة قصب-يعنى نسيجا منه-وفوقه ساس، وهو مشاقة الكتان وحطبه، ومن فوق ذلك الطين، ثم يرصص بالطوب ويطين سائر البيت ظاهره وباطنه، وأعلاه وأسفله، حتى لا يخرج منه بخار، وينبغى أن تتخذ فى وسط السقف شباكا سعته شبر فى شبر، فهذا السقف يحكى صدر الدجاجة، ثم تتخذ حوضين من طين مخمر بساس، طول الحوض ستة أشبار وعرضه شبر ونصف، وسمكه عقدة أصبع، وحيطانه نحو أربع أصابع، ويكون هذا الحوض لوحا واحدا تبسطه على أرض معتدلة، وهذا الحوض يسمى الطاجن، فإذا جف الطاجنان ركبتهما على طرفى السقف، أحدهما على وجه الباب والآخر قبالته على الطرف الآخر تركيبا محكما وأخذت وصولهما بالطين أخذا متقنا. وينبغى أن يكون قعود طاجنين على خشب السقف بحيث يماسانه، وهذان الطاجنان يحاكى بهما جناحا الدجاحة، ثم يفرش البيت بقفه تبن ويمهد، ويفرش فوقه نخ خب أوديس-يعنى حصيرا برديا-على مقداره سواء، ثم يرصف فوقه البيض رصفا حسنا بحيث يتماس ولا يتراكب، لتتواصل الحرارة فيه. ومقدار/ ما يسع هذا البيت المفروض ألف بيضة، وهذا الفعل يسمى الترقيد.
(١) انظر: الإفادة والاعتبار فى الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة فى أرض مصر؛ تأليف عبد اللطيف البغدادى. القاهرة، مطبعة المجلة الجديدة،١٩٣١. (ص ٣٠ - ٣٢).