والقسيسين كانوا يميلون لأكل لحوم الأوز فى الأزمان العارية عن الأمراض الوبائية، فلذا كان الأوز كثيرا فى تلك الأزمان، كما يدل لذلك ما هو على جدران المعابد من الرسوم والنقوش.
وزعم بعضهم أن كهنة مصر كانوا يستعملون سبلة الدواب، أى ما يكنس من تحتها، نحو التبن الملوّث بأبوالها وأرواثها فى فقس البيض لما شاهدوه من دفن النعام والتمساح بيضه فى الرمل حتى يفقس، فكان الكهنة يدفنون البيض فى السبلة فتكفى حرارتها فى استخراج الكتاكيت.
وقد رد العلماء ذلك ونقضوه بأن السبلة مضرة بأصل بذرة البيضة ومفسدة لها فلا تكون سببا فى الفقس./وقد اشتغل العالم (ريمور) الفرنساوي بتجربة ذلك وألف فيه كتابا، فاتضح أن العملية لا تنجح إلا بمنع بخار السبلة عن البيض منعا كليا. وظهر لهم أيضا أن قائل ذلك لم يمعن النظر فى كلام (بلين) فإنه ذكر أن البيض كان يوضع على التبن فى معمل حرارته واحدة لطيفة دائما إلى أن يخرج الكتكوت، وكان له عملة متكفلون بتقليبه ليلا ونهارا.
و (بلين) لم يذكر البلد التى. كان يعمل بها ذلك، إلا أنّه بالقرينة يعلم أنها تنسب لمصر، لأنه ساح فى هذه الديار، وأخذ عن كهنتها، أو لعل الذى أوجب زعم هذا الزاعم أن السبلة هى المستعملة قديما أو حديثا فى الوقود فى مصر، وفى وقود المعامل، وتجلب إليها بكثرة، فظنّ من رأى ذلك أن البيض يدفن فيها.
وبالجملة فيظهر من كلام الأقدمين ومؤرخى العرب، أن هذه العملية قديمة فى ديار مصر عموما، وإلى الآن أهالى قرية (برما) من الوجه البحرى، وقرية (ببلاو) من الوجه القبلى لهم شهرة بذلك.
وفى خطط المقريزى-عند الكلام على الروك الناصرى-أن السلطان الناصر محمد بن قلاوون، أبطل عدة مكوس، وبعد أن تكلم على جملة منها قال: