وممن ساح أرضهم (بروس) الإنكليزى وأطلق عليهم اسم بجا، وجعل حدود أرضهم من ابتداء مصوع إلى سواكن على الساحل، ثم يكونون فى الغرب إلى حدود صحراء مسليمى المحدودة من الجهة القبلية بالنيل، ومن الجهة البحرية بدائرة الانقلاب.
وتكلم فى مواضع كثيرة على لسانهم، وذكر أنهم الرعاة، وأن هذا اللسان لا يخالف اللسان الحبشى القديم، وتكلم على فرقة من الرعاة فى موضع آخر من سياحته، سماها (أجفرى) وهم أشجع الجميع، ومسكنهم جبل همان الممتد إلى قريب من مصوع وسواكن، وبالنسبة لموقعهم ظن أنهم من البجه أيضا.
ويغلب على الظن أن عرب العبابيد من نسل البجة، لتقارب صفاتهم وعوائدهم وأماكنهم، فإنهم منتشرون فى الصحراء الواقعة بين البحر الأحمر ومصر، وبلاد النوبة وبلاد الحبشة، وفوق الجبال والسهول التى فى شرقى النيل.
واستبعد كثير من السياحين كون العبابدة من العرب، فإن بينهم وبين عرب مصر مخالفة كلية فى الأخلاق والطباع، والملابس وغير ذلك. والغالب على لونهم السواد، ولكن تقاطيعهم لا تشبه تقاطيع العبيد بل تشبه تقاطيع الأوروباويين، وأكثرهم لا يلبس إلا مئزرا يربطه بوسطه، ولهم حراب طولها نحو خمسة أقدام وحديدها طويل مستدير، ودرقات مستديرة من جلد الفيل، وأكثر مواشيهم الأغنام، وهجنهم سريعة العدو تقطع المائة فرسخ فى أربعة أيام يركبونها فى الأسفار والحروب، ولا يستعملون الخيل، وفى العادة يجعل عليهم خفر القوافل، ولهم بلاد على الشاطئ الأيمن من النيل مثل ناحية دروة والشيخ عامر ورادسية. ويتكلمون العربية إلا أن لهم لغة أخرى يشتركون فيها مع عرب الجبال الواقعة فى جهة النيل الشرقية.
وذكر (بروس) أن لغتهم التى يتكلمون بها هى لغة أهل سواكن.