للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنشده مرة الشريف أبو الحسن على بن الحسين بن حيدرة العقيلى فى يوم عرفة:

قم فانحر الراح يوم النحر بالماء … ولا تضحى ضحى إلاّ بصهباء

وأدرك حجيج الندامى قبل نفرهم … إلى منى قصفهم مع كل هيفاء

وعج على مكة الروحاء مبتكرا … فطف بها حول ركن العود والنائى

قال ابن دحية: فخرج فى ساعته بروايا الخمر تزجى، بنغمات حداة الملاهى وتساق، حتى أناخ بعين شمس فى كبكبة من الفساق، فأقام بها سوق الفسوق على ساق. وفى ذلك العام أخذه الله تعالى وأهل مصر بالسنين، حتى بيع فى أيامه الرغيف بالثمن الثمين، وعاد ماء النيل بعد عذوبته كالغسلين، ولم يبق بشاطئيه أحد بعد أن كانا محفوفين بحور عين.

وقال ابن ميسر: فلما كان فى جمادى الآخرة من سنة أربع وخمسين وأربعمائة، خرج المستنصر على عادته إلى بركة/الجب، فاتفق أن بعض الأتراك جرد سيفا فى سكر منه على بعض عبيد الشر، فاجتمع عليه طائفة من العبيد وقتلوه. فاجتمع الأتراك بالمستنصر، وقالوا: إن كان هذا عن رضاك فالسمع والطاعة وإن كان عن غير رضاك فلا ترضى بذلك، فأنكر المستنصر ما وقع وتبرأ مما فعله العبيد، فتجمع الأتراك لحرب العبيد وبرز بعضهم إلى بعض، وكان بين الفريقين قتال شديد على كوم شريك، إنهزم فيه العبيد وقتل منهم عدد كثير، وكانت أم المستنصر تعين العبيد وتمدهم بالأموال والأسلحة، فاتفق فى بعض الأيام أن بعض الأتراك ظفر بشئ مما تبعث به أم المستنصر إلى العبيد، فأعلم بذلك أصحابه وقد قويت شوكتهم بانهزام العبيد، فاجتمعوا بأسرهم ودخلوا على المستنصر وخاطبوه فى ذلك، وأغلظوا فى القول وجهروا بما لا ينبغى، وصار السيف قائما والحروب متتابعة إلى أن كان من خراب مصر بالغلاء والفتن ما كان

وكان من قبل المستنصر يترددون إلى بركة الجب.