قال المسبحى: ولاثنتى عشرة خلت من ذى القعدة، سنة أربع وثمانين وثلثمائة عرض العزيز بالله عساكره بظاهر القاهرة، عند سطح الجب، فنصب مضرب ديباج رومى، فيه ألف ثوب بصفرية فضة ونصبت له فازة مثقل وقبة مثقل بالجوهر، وضرب لابنه الأمير أبى على منصور مضرب آخر، وعرضت العساكر وكانت عدتها مائة ألف عسكرى، وأقبلت أسارى الروم وعدتهم مائتان وخمسون، فطيف بهم، وكان يوما عظيما حسنا لم تزل العساكر تسير بين يديه من ضحوة النهار إلى صلاة المغرب.
وما زالت بركة الجب منتزها للخلفاء والملوك من بنى أيوب، وكان السلطان صلاح الدين يبرز إليها للصيد ويقيم فيها الأيام، وفعل ذلك الملوك من بعده.
وقال فى موضع آخر: قال: القاضى الفاضل، فى حوادث شهر المحرم سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وفيه خرج السلطان، يعنى صلاح الدين يوسف، إلى بركة الجب للصيد ولعب الكرة، وعاد إلى القاهرة فى سادس يوم من خروجه. وذكر من ذلك كثيرا عن السلطان صلاح الدين، وابنه الملك العزيز عثمان. قال: وما برح الملوك يركبون إليها لصيد الكراكى ورميها.
وقال أيضا: وقد اعتنى بها الملك الناصر محمد بن قلاوون، وبنى أحواشا وميدانا.
وبركة الجب وما يليها فى درك بنى صبرة، وهم ينسبون إلى صبرة بن بطيح بن مغالة بن دعجان بن عتب بن الكليب بن أبي عمرو بن دمية بن جدس بن أريش بن أراش بن جزيلة بن لخم. فهم أحد بطون لخم. وفيهم بنو جذام بن صبرة بن بصرة بن غنم بن غطفان بن سعد بن مالك بن حرام بن جذام أخى لخم. انتهى.
وقال أيضا: وأدركنا هذه البركة مراحا عظيما للأغنام، التى تعلفها التركمان حب القطن وغيره من العلف، فتبلغ الغاية فى السمن حتى أنه يدخل بها إلى القاهرة محمولة على العجل لعظم جثتها وعجزها لثقلها عن المشى، وكان يقال كبش بركاوى. انتهى.