وكان لا يأكل شيئا من طعام الظلمة وأعوانهم، ولا يتصرف فى شئ من دراهمهم فى مصالح نفسه أو عياله، إنما يضعه عنده للنساء الأرامل والشيوخ، والعميان العاجزين عن الكسب، ومن ارتكبتهم الديون فيعطيهم من ذلك.
وكان يكنس المساجد وينظف البيوت الأخلية، ويحمل الكناسة تارة ويخرجها إلى الكوم احتسابا لوجه الله تعالى كل يوم جمعة.
وكان يكنس المقياس فى كل سنة، ثانى يوم نزول النقطة وينفق على أصحابه ذلك اليوم نفقة عظيمة، ويزن عنهم كراء المعدية وهم نحو مائة نفس، ثم يفرق السكر والخشكنان على أهل المقياس وجيرانه، ثم ينزل فيكشف رأسه ويتوضأ من المقياس ويصير يبكى ويتضرع ويرتعد كالقصبة فى الريح، ثم يطلع فيصلى ركعتين ويأمر كل واحد من أصحابه أن ينزل ثم يكنس السلم بمشط من حديد، ويخرج الطين الذى فيه بنفسه لا يمكن أحد أن يساعده فيه.
وكان يقول لا يصير الرجل عندنا معدودا من أهل الطريق إلا إذا كان عالما بالشريعة المطهرة، مجملها ومبينها، ناسخها ومنسوخها، خاصها وعامها، ومن جهل حكما واحدا منها سقط عن درجة الرجال.
وكان يقول: ونحن فى سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، جميع أبواب الأولياء قد تزحزحت للغلق، وما بقى الآن مفتوحا إلا باب رسول الله ﷺ فأنزلوا كل ضرورة حصلت لكم به ﷺ.
وكان يقول فى قولهم:«بئس الفقير بباب الأمير»، هذا فى حق من يأتى الأمير يسأله الدنيا فإن كان لشفاعة ونحوها فنعم الفقير بباب الأمير.
وكان يقول: سمعت سيدى إبراهيم المتبولى يقول: زيادة العلم للرجل السوء كزيادة الماء فى أصول شجر الحنظل، فكلما ازداد ريا ازداد مرارة.