بالطاعون وتململ نحو عشر ساعات ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى، وذلك فى ليلة الأحد السابع شهر ذى القعدة من سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف، وحضره خليل أفندى قولجى حاكم رشيد فغسلوه وكفنوه ووضعوه فى صندوق من الخشب ووصلوا به فى السفينة إلى مصر منتصف ليلة الأربعاء عاشر الشهر.
وكان العزيز وقتئذ بالجيزة فلم يتجاسر أحد على أخباره، فذهب إليه أحمد أغا أخو كتخدا بيك ليلا فاستنكر حضوره فى ذلك الوقت فأخبره أن ابنه ورد إلى شبرى متوعكا، فركب القنجة حالا وانحدر إلى شبرى ودخل القصر وجعل يمر فى مخادعه ويقول: أين هو؟ وكانوا قد ذهبوا به إلى بولاق ورسوا به عند الترسخانة وأقبل كتخدا بيك على العزيز باكيا فلما رآه كذلك انزعج انزعاجا شديدا ونزل السفينة وأتى إلى بولاق آخر الليل وعاينه وانطلقت الرسل لإخبار الأعيان، فركبوا بأجمعهم إلى بولاق وحضر القاضى والأشياخ والسيد محمد المحروقى ونصبوا مظلة ساترة للسفينة ثم أخرجوا الصندوق الذى هو به ووضعوه على السرير، ونصبوا عند رأسه عودا وضعوا عليه تاج الوزارة المسمى بالطبلخان، وساروا بالجنازة من غير ترتيب والجميع مشاة أمامه وليس معهم أحد من الجموع المعتاد/حضورهم فى الجنائز المعتادة، مثل الفقهاء وأولاد المكاتب، فمروا من ساحل بولاق على طريق المدابغ وباب الخرق على الدرب الأحمر على التبانة إلى الرميلة، فصلوا عليه بمصلى المؤمنين، وذهبوا به إلى المدفن الذى أعده العزيز لنفسه ولموتاه.
كل هذه المسافة والعزيز خلف نعشه ينظر إليه ويبكى، ومع الجنازة أربعة من الحمير تحمل القروش الفضية وربعيات الذهب وهم ينثرون منها على الأرض والكيمان، وعن يمين الكتخدا وشماله شخصان يناولانه قراطيس الفضة وهو يفرق على من يتعرض له من الفقراء والصبيان، فإذا تكاثروا عليه نثر ما بيده عليهم لينشغلوا عنه بالتقاطها، فكان جملة ما فرق ونثر من الأنصاف العددية خمسة وعشرين كيسا، عنها من الأنصاف الفضية خمسمائة ألف، خلاف القروش والربعيات الذهب وساقوا أمام الجنازة ستة رؤس