للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لكثرة ضربه لى تركته وأبيت أن أذهب إليه بعد ذلك وجعلت أقرأ عند والدى إلا أنى لكثرة أشغاله واشتغاله عنى استعملت اللعب والتفريط فنسيت ما حفظته، فخشى والدى عاقبة ذلك فهم بجبرى على الذهاب إلى هذا المعلم فتعاصيت ونويت الهروب إن لم يرجع عنى.

وكان لى من الأخوات سبع بنات شقيقات ولم يكن لوالدتى من الذكور غيرى، ولى إخوة ذكور من غير أمى، فلما فهموا منى نية الهروب أشفقوا من ذلك وحنوا إلى وسألونى عن مرغوبى فى التربية إذ لا يصح بقاء الشخص بلا تربية، فاخترت أن لا أكون فقيها بهذه المثابة وإنما أكون كاتبا، لما كنت أرى للكتاب من حسن الهيئة والهيبة والقرب من الحكام.

وكان لوالدى صاحب من الكتاب، كان كاتب قسم، وإقامته بناحية الأخيوة فأسلمنى إليه، فرأيته رجلا حسن الهيئة نظيف الثياب جميل الخط فأقمت عنده مدة ولى من والدى مرتب يكفينى، فدخلت بيته وخالطت عياله فإذا هو مجمل الظاهر فقير فى بيته، وله ثلاث زوجات وعيال على قلة من الزاد فكنت فى غالب أيامى أبيت طاويا من الجوع وكان أغلب تعليمه إياى على قلته فى البيت أمام نسائه، وكان خروجه إلى السرحة قليلا وإذا خرج يستصحبنى معه فلا أستفيد إلا خدمتى له.

ومع ذلك فكان يؤذينى دائما إلى أن كنا يوما فى قرية المناجاة فسألنى أمام الناظر وجماعة حضور عن الواحد فى الواحد فقلت له باثنين فضربنى بمقلاة بن فشجنى فى رأسى، فلامه الحاضرون. وذهبت إلى والدى أشكو إليه فلم أنل منه إلا الأذية، وكان يومئذ مولد سيدى أحمد البدوى فهربت مع الناس قاصد المطرية جهة المنزلة لألحق بخالة لى هناك. فمرضت بالريح الأصفر فى طريقى بقرية صان الحجر فأخذنى رجل من أهلها لا أعرفه فتمرضت عنده أربعين يوما، وقد سألونى عن أهلى فقلت أنا يتيم مقطوع، وكان والدى فى تلك المدة وأحد إخوتى يفتشان علىّ فى البلاد فاستدل على فى صان، فلما