تدبير محمد بن ياقوت عند استيلائه على أمر الدولة ببغداد، وكان خال ولده على وهو أبو على هرون بن عبد العزيز الأوارجى الذى مدحه أبو الطيب المتنبى من أصحاب أبى بكر محمد بن رائق، فلما لحق ابن رائق ما لحقه بالموصل صار الحسين بن على بن المغربى إلى الشام ولقى الأخشيد وأقام عنده، وصار ابنه أبو الحسن على بن الحسين ببغداد، فأنقذ الإخشيد غلامه فاتكا المجنون، فحمله ومن يليه إلى مصر، ثم خرج ابن المغربى من مصر إلى حلب، ولحق به سائر أهله ونزلوا عند سيف الدولة أبى الحسن على بن عبد الله ابن حمدان مدة حياته، وتخصص به الحسين بن على بن محمد المغربى ومدحه أبو نصر بن نباتة.
وتخصص أيضا على بن الحسين بسعد الدولة بن حمدان، ومدحه أبو العباس النامى، ثم شجر بينه وبين ابن حمدان ما شجر، ففارقه وصار إلى بكجور بالرقة، فحسن له مكاتبة العزيز بالله نزار والتحيز إليه، فلما وردت على العزيز مكاتبة بكجور قبله واستدعاه وخرج من الرقة يريد دمشق فوافاه عبد العزيز بولاية دمشق وخلفه، فتسلمها وخرج لمحاربة ابن حمدان بحلب بمشورة على بن المغربى فلم يتم له أمر، وتأخر عنه من كاتبه، فقال لابن المغربى: غررتنى فيما أشرت به علىّ وتنكر له، ففرّ منه إلى الرقة وكانت بين بكجور وبين ابن حمدان خطوب آلت إلى قتل ابن مكجور ومسير ابن حمدان إلى الرقة، ففرّ ابن المغربى منها إلى الكوفة، وكاتب العزيز بالله يستأذنه فى القدوم فأذن له، وقدم إلى مصر فى جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وثلثمائة.
وقد أطال المقريزى فى الكلام عليه وعلى تقلبه فى البلاد، مصر ودمشق وحلب وبغداد وغيرها. إلى أن قال: إنه مات مسموما بمدينة ميافارقين، لأيام خلت من شهر رمضان سنة ثمانى عشرة وأربعمائة، وكان مولده بمصر ليلة الثالث عشر من ذى الحجة سنة سبعين وثلثمائة. وكان أسمر شديد السمرة بساطا عالما بليغا مترسلا متقنا فى كثير من العلوم الدينية والأدبية والنحوية مشارا إليه فى قوة الذكاء والفطنة وسرعة الخاطر والبديهة عظيم القدر، صاحب سياسة وتدبير وحيل. كثيرة وأمور عظام، دوّخ الممالك وقلب الدول وسمع