للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحديث وروى وصنف عدة تصانيف، وكان ملولا حقودا لا تلين كبده، ولا تنحل عقده، ولا يحنى عوده، ولا ترجى وعوده، وله رأى يزين له العقوق ويبغض إليه رعاية الحقوق، كأنه من كبره قد ركب الفلك واستولى على ذات الحبك. إلى آخر ما قال فانظره.

وقال السخاوى فى كتابه، (تحفة الأحباب وبغية الطلاب): إنه كان بين بنى المغربى وبين أبى نصر وزير الحاكم نفس، فسعى عليهم عند الحاكم فأمر بضرب أعناقهم فقتل ستة منهم، وهم والد الوزير المغربى وأخواه وثلاثة/من أهل بيته، واستتر أبو القاسم الوزير ابن المغربى وهرب إلى الرملة، وحسن لصاحبها الخروج على الحاكم ونزع يده من طاعته، وأحضروا أبا الفتوح بن الحسن بن الحسينى من مكة، وأقاموه خليفة وقبلوا الأرض بين يديه وبايعوه بالخلافة ولقبوه بالراشد بأمر الله، فعند ذلك صعد الوزير ابن المغربى المنبر وخطب خطبة بليغة، وحرضّ فيها على قتال الحاكم وافتتح بقوله ﷿:

﴿طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ﴾ - (وجعل يشير بيده جهة مصر) - ﴿وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ﴾ (١) الآيات. فلما بلغ الحاكم ذلك أزعجه ازعاجا عظيما، وسير إلى بنى الخزرج وبذل لهم المال الجزيل وخوفهم العاقبة، فمالوا إليه بعد خطب طويل، وكتب إلى ابن المغربى الوزير واسترضاه وبنى على قتلاهم الذين قتلهم من أهله ست قباب فهى تعرف الآن بالسبع قباب، والظاهر أنه كان إلى جانبهم قبة أخرى، وقيل إن القبة السابعة هى قبة الأطفيحى صاحب القناطر والسبيل.

انتهى.

وفى شرقى البساتين بئر يقال لها بئر الدرج-لها درج ينزل بها إليها-عملها الحاكم بأمر الله، وفى شرقى البئر قبور النصارى وبعدها إلى جهة الجبل قبور اليهود.


(١) سورة القصص، الآيات ١ - ٣.