إلى مصر فنزل الحوف، وتلقاه أهله بالطاعة، وأذعنوا بأداء الخراج فقبل هرثمة منهم واستخرج خراجه كله. ثم إن أهل الحوف خرجوا على الليث بن الفضل البيودى أمير مصر، وذلك أنه بعث بمسّاحين يمسحون عليهم أراضى زرعهم فانتقصوا من القصبة أصابع، فتظلم الناس إلى الليث فلم يسمع منهم فعسكروا وساروا إلى الفسطاط، فخرج عليهم الليث فى أربعة آلاف من جند مصر، فى شعبان سنة ست وثمانين ومائة، فالتقى معهم فى رمضان فانهزم عنه الجند فى ثانى عشره، وبقى فى نحو المائتين فحمل بمن معه على أهل الحوف فهزمهم حتى بلغ بهم غيفة، وكان التقاؤهم على أرض جب عميرة، وبعث الليث إلى الفسطاط بثمانين رأسا من رؤس القيسية ورجع إلى الفسطاط، وعاد أهل الحوف إلى منازلهم ومنعوا الخراج، فخرج الليث إلى أمير المؤمنين هرون الرشيد فى المحرم سنة سبع وثمانين ومائة وسأله أن يبعث معه بالجيوش فإنه لا يقدر على استخراج الخراج من أهل الحوف إلا بجيش يبعث معه. وكان محفوظ بن سليم بباب الرشيد فرفع محفوظ إلى الرشيد يضمن له خراج مصر عن آخره بلا سوط ولا عصى، فولاه الخراج وصرف ليث بن الفضل عن صلات مصر وخراجها.
وفى ولاية الحسين بن جميل، امتنع أهل الحوف من أداء الخراج فبعث أمير المؤمنين هرون الرشيد يحيى بن معاذ فى أمرههم، فنزل بلبيس فى شوّال سنة إحدى وتسعين ومائة وصرف الحسين بن جميل عن إمارة مصر فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين ومائة، وولى مالك بن دلهم، وفرغ يحيى بن معاذ من أمر الحوف وقدم الفسطاط فى جمادى الآخرة، فورد عليه كتاب الرشيد يأمره بالخروج إليه فكتب إلى أهل الحوف أن أقدموا حتى أوصى بكم مالك بن دلهم، وأدخل بينكم وبينه فى أمر خراجكم، فدخل كل رئيس منهم من اليمانية والقيسية وقد أعدّ لهم القيود، فأمر بالأبواب فأخذت، ثم دعا بالحديد فقيدهم، وتوجه بهم فى النصف من رجب منها.
وفى إمارة عيسى بن يزيد الجلودى على مصر، ظلم صالح بن شيرزاد، عامل الخراج، الناس وزاد عليهم فى خراجهم فانتقض أهل أسفل الأرض وعسكروا،