للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبل الإسلام، ذهبت أمواتها فى أخذ السباخ، لأن أهالى هذه البلدة والبلاد المجاورة لها كانوا يأخذون منه السباخ حتى ساوى أرض المزارع.

وكان لهذه البلدة سور محيط بها فيه مزاغل لضرب الرصاص فى جميع دائره، وكان بناؤه من اللبن وله أربعة أبواب كبار عليها أبواب من خشب النخل كانوا يتحصنون به من غارات الأعداء، لأنها كثيرا ما كانت تقصدها الأعداء، فكان يتحزب عليها الألوف المؤلفة من بلاد الصوامعة. لأن بلاد تلك الجهة كانت فرقتين على طرفى نقيض، صوامعة ووناتنة، كما كانت سعد وحرام فى الجهات البحرية. وكانت لا تنقطع شرورهم وحراباتهم وتخريبهم للبلاد بالسلب والقتل. وكانت تلك البلدة متوسطة بين بلاد الصوامعة-مع أنها من حزب الوناتنة-فكانت تتحصن بهذا السور من هجومهم عليها، وكان يقع ذلك كثيرا، وتحصل لهم الإعانة والنصرة. فقد وقع لها سنة نيف وخمسين بعد المائتين والألف أن هجموا عليها وقت العصر فى زمن النيل، وأرادوا إحراقها وأوقدوا النار بالفعل فى حد أطرافها، فقام أهل البلد قومة واحدة فانكسر العدو سريعا ووقع فيهم القتل.

فكان من وجد مقتولا نحو السبعة عشر غير من مات فى البحر، ووجد فيهم واحد حيا، وقد حضر حاكم الجهة فسأله عن كيفية مجيئهم فأخبر أنهم أهالى أربعة عشر بلدا جاؤا لإحراقها ونهبها وقتل أهلها ليستريحوا منها، حيث أنها معترضة بين بلادهم. ثم أنهم جعلوهم فى حفرة وأهالوا عليهم التراب كدفن البهائم بلا غسل ولا صلاة ولا توجيه إلى القبلة، لاعتقاد أنهم لعصيانهم لا يغسلون ولا يصلى عليهم، مع أن الحكم الشرعى ليس كذلك. نعم إن كانوا مستحلين لذلك كانوا كفارا فلا/يغسلون ولا يصلى عليهم ولا يستقبل بهم القبلة.

وقد هدم ذلك السور وزالت معالمه بالمرة للإستغناء عنه بمجئ العائلة المحمدية، حيث حصل بها الأمن وانحسمت مواد الفساد، واستوى القوى والضعيف والوضيع والشريف، واشتغلت الناس بأمور المعيشة، وكثرت الخيرات فخاف الناس على أموالهم ومناصبهم. وقد كانوا قبل ذلك لفقرهم وبطالتهم ملحقين بالبهائم، لا يخافون على