للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكتب إلى النواحى أوراقا يستدعى منهم القمح والدقيق ويرسلها مع المريدين، يقول فيها: الذى نعلم به أهل القرية الفلانية حال وصول الورقة إليكم تدفعون لحاملها خمسة أرادب قمحا أو أقل أو أكثر، برسم طعام الفقراء، وكراء الطريق المعين ثلاثون رغيفا أو نحو ذلك، فلا يتأخرون عن إرسال المطلوب فى الحال. وصار أولاده وأتباعه ينادون فى تلك النواحى بقولهم: لا ظلم اليوم، ولا تعطوا الظلمة شيئا من المظالم التى يطلبونها منكم، ومن أتى إليكم فاقتلوه. فكان كلما ورد أحد من العساكر المعينين إلى تلك النواحى لطلب الكلف والفرضة المجعوله عليهم، طردوه وفزعوا عليه وإن عاند قتلوه، فثقل أمره على الكشاف والعساكر. وصار له عدة خيام وأخصاص، واجتمع لديه من المردان نحو مائة وستين أمرد، وغالبهم أولاد مشايخ بلاد، وكان إذا بلغه أن البلد الفلانية فيها غلام وسيم الصورة أرسل بطلبه فيحضرونه إليه فى الحال، ولو كان ابن عظيم البلدة، حتى صاروا يأتون إليه من غير طلب، واجتمع عنده الكثير من جنس المردان وكذلك ذوو اللحى، وعمل للمردان عقودا من الخرز الملوّن فى أعناقهم وأقراطا فى آذانهم.

ثم إن رجلا من فقهاء الأزهر من أهالى بنها، يقال له الشيخ عبد الله البنهاوى ادّعى دعوى على أطيان مستأجرة من أراضى بنها أنها كانت لأسلافه، وأن الملتزمين بالقرية استولوا عليها من غير حق لهم فيها، وتخاصم مع الملتزمين ومشايخ البلد، وانعقد بسببه مجالس، ولم يحصل منها شئ سوى التشنيع عليه من المشايخ الأزهرية والسيد عمر النقيب، ثم بعد ذلك كتب عرضحال ورفع أمره إلى كتخدا بيك والباشا، فأمر الباشا بعقد مجلس بسببه، وأمر بحضور السيد عمر والمشايخ فعقدوا المجلس وحضر المشايخ ولم يظهر له حق فأخبروا الباشا أنه غير محق. ثم سافر إلى بلده وذهب إلى الشيخ سليمان المذكور، ومدح له مصر وحسّن له الحضور إليها وأغراه على ذلك. وقال له: متى وصلت اجتمع عليك المشايخ وأهالى البلد من عمد وتجار وصناع وغيرهم، ويكون على يدك الفتوح ويكون لك صيت عظيم. فحينئذ أطاع شياطينه وحضر إلى مصر برجاله وغلمانه ومعهم الطبول والكاسات، ودخلوا المدينة على حين غفلة وبأيديهم