للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عشرة كنيسة تجتمع فيها الأهالى خلاف ما هو حولها والقسيسون والرهبان كانوا بها أكثر من أرباب الحرف والصنائع ونحوهم، ومنهم من كان يسكن فى أبراج أبواب المدينة فضلا عن الساكنين بالديورة التى خارجها والمنازل التى داخلها، وكان عددهم على ما أخبر به واحد منهم خمسة آلاف نفس وكانوا يضعون حراسا على أبواب المدينة وضواحيها لتلقى الاغراب وإكرامهم، وقد أخبر رئيس الديانة أن المكتوبين فى دفتره من الرهبان ١٠٠٠٠ راهب و ٢٠٠٠٠ راهبة من الأبكار وقد نقل أيضا ذلك عن المؤرخ بلادوس سنة ٤٠٧ من الميلاد وكتب أيضا مثله المؤرخ روزان سنة ٤١٠ من الميلاد والظاهر أن ذلك لا يخلو عن مبالغة ومنه يظهران هذه المدينة كانت فى القرن الخامس من الميلاد عامرة بالناس وأهل الديانة النصرانية، وكان بها كثير من الكنائس والديورة ويستفاد من كلام المؤلف المار أنه كان بالديار المصرية عدد وافر من الرهبان متفرقون فى البلاد والمدن والصحارى بحيث لو اجتمعوا فى محل واحد لكانوا فوق ما يتصور العقل وكان لا يوجد فى هذه الديار بلدة كبيرة أو صغيرة الا ولها دير أو كنيسة ورجال ديانة.

ثم إن المؤرخ المذكور وصف أحوال الرهبان فقال إنهم بسبب انعزالهم عن أحوال الدنيا يستغربون كل حادثة من الحوادث العصرية ولا يعرفون ألم الاحتياج إلى القوت والملبس لاستغراقهم آناء الليل وأطراف النهار فى العبادة وذكر عودة المسيح إليهم ومتى احتاج واحد منهم حاجة فلا يطلبها من أخ أو صاحب بل يرفع يده إلى السماء ويطلب من الله فيوليه ما طلب، ومن اعتقاداتهم فى المسيح أن يقلقل الجبال ويزعمون أن بعضهم أوقف جرى الماء ومشى فوقه إلى الجانب الآخر وأطاعته الوحوش الضارية وشفى الأمراض وصدرت عنه خوارق كثيرة ا. هـ.

وكان بين هذه المدينة ومدينة الأشمونين مدينة صغيرة تسمى بانكوسيوس وأخرى اسمها جلبة وهى المعروفة الآن باسم جلفة أو جلف وأخرى اسمها توجى وهى المعروفة الآن باسم بتوجة وكذلك مدينة بايم وتعرف الآن باسم بام وغير ذلك من المدن القديمة وشهرة البهنسا بوقعة الشهداء ومولدهم السنوى وما يحصل فيها من كراماتهم واجتماع الناس فيها لزيارتهم غنى عن الذكر وقد ظهر منها جماعة من جهابذة العلماء.