وقال الربيع بن سليمن رأيت البويطى على بغل فى عنقه غل وفى رجليه قيد وبين الغل والقيد سلسلة من حديد فيها طوبة وزنها أربعون رطلا وهو يقول: إنما خلق الله ﷾ الخلق بكن/فإذا كانت كن مخلوقة، فكأن مخلوقا خلق مخلوقا، فو الله لأموتن فى حديدى حتى يأتى من بعدى قوم يعلمون أنه مات فى هذا الشأن قوم فى حديدهم، ولئن أدخلت عليه لاصدقنه يعنى الواثق.
وقال أبو عمر بن عبد البر الحافظ فى كتاب الانتقاء فى فضائل الثلاثة الفقهاء، إن ابن أبى الليث الحنفى قاضى مصر كان يحسده ويعاديه فأخرجه فى وقت المحنة فى القرآن العظيم فيمن أخرج من مصر إلى بغداد ولم يخرج من أصحاب الشافعى غيره، وحمل إلى بغداد وحبس فلم يجب إلى ما دعى إليه فى القرآن وقال هو كلام الله غير مخلوق وحبس ومات فى السجن.
وقال الشيخ أبو إسحق الشيرازى فى كتاب طبقات الفقهاء كان أبو يعقوب البويطى إذا سمع المؤذن وهو فى السجن يوم الجمعة اغتسل ولبس ثيابه ومشى حتى يبلغ باب السجن فيقول له السجان أين تريد فيقول أجيب داعى الله فيقول: إرجع عافاك الله فيقول أبو يعقوب اللهم إنك تعلم أنى أجبت داعيك فمنعونى.
وقال أبو الوليد بن أبى الجارود كان البوطى جارى فما كنت أنتبه ساعة من الليل إلا سمعته يقرأ ويصلى، وقال الربيع: كان أبو يعقوب أبدا يحرك شفتيه بذكر الله تعالى، وما رأيت أحدا أبرع بحجته من كتاب الله تعالى من أبى يعقوب البويطى، وقال الربيع أيضا كان لأبى يعقوب منزلة من الشافعى، وكان الرجل ربما يسأله عن المسئلة فيقول له سل أبا يعقوب فإذا أجابه أخبره فيقول هو كما قال، وقال أيضا ربما جاء رسول صاحب الشرطة إلى الشافعى يستفتيه فيوجه أبا يعقوب البويطى ويقول هذا لسانى.
وقال الخطيب البغدادى فى تاريخه لما مرض الشافعى مرضه الذى مات فيه جاء محمد بن عبد الحكم ينازع البويطى فى مجلس الشافعى فقال البويطى: أنا أحق به منك، وقال ابن عبد الحكم أنا أحق بمجلسه منك فجاء أبو بكر الحميدى وكان فى تلك الأيام بمصر فقال قال الشافعى: ليس أحد أحق بمجلسى من يوسف بن يحيى وليس أحد من أصحابى أعلم منه، فقال له ابن عبد الحكم: كذبت فقال الحميدى: كذبت