المؤرخين، وفيما نقله أبو المحاسن يوسف بن حسن أنه كان شريف النفس عفيفا متبحرا فى اللغة العربية محاسنه عديدة، ومجالسه مفيدة، تشتمل على أحكام أدبية وشرعية ومناقشات صحيحة مرضية مولعا بالشعر يجزل العطاء للشعراء متمكنا من أشعار المتنبى متجافيا عن الزهوّ والتفاخر.
وقد اتفق أن ابن إسرائيل المار ذكره قال له يوما: إنك قاضى قضاة دمشق وسرجك الذى تركب فيه مكسور ولم ترمه ولم تصلحه فقال له يا شيخ: نجم الدين العاقل من الحكام ينبغى له أن ينظر فى أحوال الناس فيشغله ذلك عن أحوال نفسه ومن شعره ﵀.
تمثلتمو إلى والبلاد بعيدة … فخيل لى أن الفؤاد لكم مغنى
وناجاكموا قلبى على البعد والنوى … فآنستموا لفظا وأوحشتموا معنى
غيره
يا جيرة الحى هل من عودة فعسى … يفيق من سكرات الموت مخمور
إذا ظفرت من الدنيا بقر بكمو … فكل ذنب جناه الحب مغفور
غيره
يا رب إن العبد يخفى عيبه … فاستر بحلمك ما بدا من عيبه
ولقد أتاك وما له من شافع … لذنوبه فاقبل شفاعة شيبه
ومن تأليفه كتاب: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ابتدأه بالقاهرة فى سنة أربع وخمسين وفى أثنائه سار إلى يحيى بن خالد ولما سافر إلى الشام مع الظاهر بيبرس فى سنة تسع وخمسين واشتغل بالقضاء تعطل عن إتمامه إلى أن رفع من الخدمة فرجع إلى مصر، واشتغل بإكماله فأتمه فى الثانى والعشرين من جمادى الثانية سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وهو من أعظم الكتب وقد اشتغل باختصاره الملك الأفضل عباس بن الملك المجاهد علىّ صاحب اليمن المتوفى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة وسماه مختصر تاريخ ابن خلكان، وذيله كثير من المؤرخين، فمن ذلك كتاب