محادثة مع أبى حسن الفارسى أحد أئمة النحو وكان قد توفى قبل ذلك بثلاثة قرون وكان أيضا صاحب المتنبى وفى سنة سبع وستين تعين قاضى قضاة دمشق وسافر لها من مصرفى اليوم السابع والعشرين من شهر الحجة ووصل إليها فى ثالث المحرم.
وأكثر المؤرخين مثل النوارى وحسن بن عمر وجمال الدين بن واصل والمقريزى وأبى الفداء على أن تعيينه قاضى قضاة دمشق، كان فى سنة تسع وخمسين وستمائة وإلى ذاك الوقت كان قاضى القضاة شافعيا يتكلم على جميع بلاد الشام من حدود مصر إلى حدود الروم، وكانت قضاة الحنابلة والمالكية والحنفية نوابا فقط ثم فى سنة ثلاث وستين جعل السلطان بيبرس قضاة القضاة بدمشق أربعة من المذاهب الأربعة ثم فى سنة تسع وستين عزل ابن خلكان ورجع إلى مصر فأقام بها سبع سنين مشتغلا بالتأليف والتدريس بالمدرسة الفاخرية وفى أثناء نيابته وقع نزاع بين شهاب الدين أبى عبد الله محمد المعروف بابن الخيمى ونجم الدين بن إسرائيل فى قصيدة كل منهما يدعيها وبعد طول النزاع بينهما حكموا فيها عمر بن الفارض فنظر فى ذلك بغاية الدقة وامتحن قوّتهما فحكم بها لابن الخيمى فتأثر ابن إسرائيل ورحل إلى الشام بسبب ذلك وفى مدة خلوّ ابن خلكان من الوظيفة قل ماله وضاق عيشه فبلغ ذلك الأمير بدر الدين الخازندار فشق عليه فجعل له من ماله مرتبا من النقود ومائة أردب قمح كل سنة فأبى أن يكون لأحد عليه منة واختار الفقر على ذلك.
وفى سنة ست وسبعين جعل ثانيا قاضى القضاة بدمشق والشام كله فخرج من مصر لسبع وعشرين من شهر الحجة ودخل دمشق فى الثالث والعشرين من المحرم وخرج لملاقاته النائب عز الدين أيدمر مع العلماء والأمراء/ووجوه الناس فقابلوه فى غزة بل بعضهم وصل إلى الصالحية بديار مصر، وهنأته الشعراء بقصائد كثيرة فأقام قاضى القضاة ثلاث سنين، ثم عزل ثم رجع إلى وظيفته فأقام سنة ثم كره الوظائف وتركها وانقطع للعبادة والعلوم إلى أن توفى يوم السبت لست وعشرين من رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة فى مدينة دمشق، وعمره ثلاث وسبعون سنة وكان مرضه خمسة أيام ودفن بجبل قاسيون، وقد شهد بفضله جميع أهل المشرق وكلهم يثنون عليه.
قال النوارى إنه عالم فاضل عدل صالح فصيح بليغ أديب صادق فى نقله أمين فى الأحكام سخى كريم يحب الرفق ويكره المنكر لا تقع الغيبة فى مجلسه من أشهر