للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرية العرب كما سيأتى وورش جسيمة للأعمال، وصارت مدينة يبلغ مسطحها ثلاثين ألف متر.

وفى سنة خمس وستين ميلادية كثرت الأعمال بها واتسعت دائرتها وانتشرت الشغالة والصناع من هذه المدينة إلى الإسماعيلية التى فى جنوبها على بعد خمسة وسبعين ألف متر، وظهرت شركة دسو إخوان فى عمل الأحجار الصناعية التى بنيت بها المينا كما يأتى، وكانوا يضعونها فى قطعة أرض تجاه المدينة وكثر تردد المراكب إليها من جميع بلاد أوربا حاملة للمواد اللازمة للأعمال، من حديد ونحاس وخشب ومأكولات وخلافها على طرف الكومبانية، وبعض السفن يأتى إليها مشحونا من أوربا أيضا بالبضائع التجارية من مأكول وملبوس وغير ذلك للبيع على الشغالة وغيرهم، وتأتى إليها أيضا مراكب ببضائع القطر المصرى من نحو المنزلة والمطرية ودمياط ورشيد لما كانوا يجدون من الأرباح ورواج السلع من كثرة المقيمين بها والمترددين إليها.

وقد بلغت سكانها فى سنة خمس وستين ميلادية سبعة آلاف نفس، وفى سنة سبع وستين جرت مراكب البوسطة ونحوها فى الخليج بين هذه المدينة ومدينة الإسماعيلية، ووردت عليها البضائع الشامية وأقيمت وابورات بخارية من طرف وكلاء خمس كومبانيات، وفى سنة ثمان وستين كان انتهاء أعمال المولصين، وقرب انتهاء القنال وفى آخر سنة تسع وستين تمت الأعمال جميعها، وبلغ سكان المدينة عشرة آلاف نفس وسكنتها قناصل ووكلاء عن قناصل من كافة الملل.

وفى سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف هجرية شرّف الداورى الأكرم والخديوى الأفخم أفندينا محمد توفيق باشا ثغر مدينة بورت سعيد ورأى أن الجامع القديم الموجود بقرية هناك تسمى بقرية العرب قد تداعى إلى السقوط وكان مجعولا من الخشب، والمسلمون يعانون فى السعى إليه والصلاة به مشقات زائدة لضيقه وعدم انتظامه، ورأى أيضا أن البلدة آخذة فى الإتساع والعمران وصارت قبلة تؤمها الناس من جميع بقاع الأرض خصوصا المصريين، فقد انفردوا بقرية خاصة بهم تنظمت على نسق مدينة بورت سعيد، وعمل بها حارات وشوارع مستقيمة يحفها من جانبيها مبان شاهقة، وكان الجامع المذكور على غير ما تقتضيه الحالة الراهنة والمستقبلة للبلد