للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف الرمى فى الماء فلا يحتاج إلى الإنتظام التام، وبهذه الكيفيات والتدبيرات العجيبة تمّ الغرض من بناء المولصين الغربى والشرقى، فالأول يمتد فى البحر ألفين وخمسمائة متر تقريبا، والثانى يمتد ألفا وثمانمائة متر تقريبا فلغاية سنة ألف وثمانمائة وسبع وستين تم من ذلك مائة وسبعون ألف متر مكعب من ضمن مبلغ مائتين وخمسين ألف متر مكعب هى التى تعهد بها المقاول لإتمام المولصين وفى سنة تسع وستين تم جميع ذلك.

ولما قرب انتهاء أشغال القنال وتهيؤه لسير المراكب فيه أمعن النظر فى ضرورة تنوير ساحل البحر فيما بين الإسكندرية وبورت سعيد فنارات فى نقط معينة من الساحل لتهتدى بنورها السفن التى تتردد على القنال فعقد لذلك مجلس من علماء فرنسا وغيرهم، وحصل اختبار النقط بمعرفة المهندسين من البحارة وغيرهم، وصدر أمر الخديوى اسمعيل باشا إلى الكومبانية بعمل تلك الفنارات على طرف الحكومة المصرية.

فعمل أربعة فنارات، واحد فى ساحل رشيد وآخر فى البرلس على الرأس الخارج فى البحر، والثالث بقرب برج العزبة عند مصب فرع دمياط والرابع فى مدينة بورت سعيد بقرب مبدأ المولص الغربى، وقد جعل ارتفاع طبلية الفنارات الأربعة العليا ثمانية وأربعين مترا على استواء واحد فى الجميع، وبين هذا الارتفاع وبين السطح الأعلى لقبة آلات التنوير نحو ستة أمتار أو سبعة، ونور كل واحد منها يرى من مسافة عشرين ميلا إنجليزيا فى البحر-عبارة عن ستة وثلاثين ألف متر تقريبا وأنوارها متواصلة بمعنى أنه متى غاب عن المراكب نور أحدها ترى نور الآخر فلا ينقطع عنها الاهتداء بأنوارها فى سيرها من الإسكندرية إلى بورت سعيد.

وقبل عمل هذه الفنارات نزلت فى المزاد بين المقاولين وذلك فى سنة تسع وستين ومائتين وألف فرسا فنار رشيد والبرلس ودمياط على كومبانية فرنسا ورسا فنار بورت سعيد على كومبانية أخرى فعملت/الثلاثة الأول من الحديد والرابع من الصخور الصناعية التى مر بيانها.

ولأجل التمييز بينها وعدم التباس أحدهما بالآخر لرائيها ممن يعرف أوضاعها، جعل لكل واحد منها وضع يخصه ففنار رشيد آلاته متحركة بدوران بطئ وأنواره