للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مزاحم بن مسلمة المرادى أميرها فى جمع من الموالى وفيهم يقول الشاعر:

ألم تربع فيخبرك الرجال … بما لاقى بتنيس الموالى

وكانت تنيس مدينة كبيرة وفيها آثار كثيرة للأوائل، وكان أهلها مياسير أصحاب ثراء وأكثرهم حاكة، وبها تحاك ثياب الشروب التى لا يصنع مثلها فى الدنيا، وكان يصنع فيها للخليفة ثوب يقال له: البدنة لا يدخل فيه من الغزل سدى ولحمة غير أوقيتين وينسج باقيه بالذهب بصناعة محكمة لا تحوج إلى تفصيل ولا خياطة يبلغ قيمته ألف دينار، وليس فى الدنيا طراز ثوب كتان يبلغ الثوب منه وهو ساذج بغير ذهب مائة دينار عينا غير طراز تنيس ودمياط.

وكان النيل إذا أطلق يشرب منه من بمشارق الفرما من ناحية جرجير وفاقوس من خليج تنيس، فكانت من أجل مدن مصر وإن كانت شطا وديفو ودميرة وتونة وما قاربها من تلك الجزائر يعمل بها الرفيع فليس ذلك يقارب التنيسى والدمياطى، وكان الحمل منها إلى ما بعد سنة ستين وثلاثمائة يبلغ من عشرين ألف دينار إلى ثلاثين ألف دينار إلى ثلاثمة لجهاز العراق، فلما تولى الوزير يعقوب بن كلس تدبير المال استأصل ذلك بالنوائب، وكان يسكن بمدينة تنيس ودمياط نصارى تحت الذمة وكان أهل تنيس يصيدون السمانى وغير ذلك من الطير على أبواب دورهم، والسمانى طير يخرج من البحر فيقع فى تلك الشباك وكانت السفن تركب من تنيس إلى الفرماء وهى على ساحل البحر.

ولما مات هرون الرشيد وقام من بعده ابنه الأمين وأراد الغدر والنكث بالمأمون، كان على مصر حاتم بن هرثمة بن أعين من قبل الأمين، فلما ثار عليه أهل تنو وتمى بعث إليهم السرى بن الحكم وعبد العزيز بن الوزير الجروى فغلبا بعد الثمانية من شوّال سنة أربع وتسعين ومائة.

ثم ولى الأمير جابر بن الأشعث الطائى مصر وصرف حاتم بن هرثمة وكان جابر لينا، فلما تباعد ما بين محمد الأمين وبين أخيه عبد الله المأمون وخلع محمد أخاه من ولاية العهد وترك الدعاء له على المنابر وعهد إلى ابنه موسى ولقبه بالشديد ودعا له،