ببغداد وكتب إلى وجوه الجند بمصر يأمرهم بخلع المأمون وولى عهده وبالوثوب على السرى، فقام بذلك الحرث بن زرعة بن محرم بالفسطاط وعبد العزيز بن الوزير الجروى بأسفل الأرض، ومسلمة بن عبد الملك الطحاوى الأزدى بالصعيد، وخالفوا السرى ودعوا إلى إبراهيم بن المهدى وعقدوا على ذلك الأمر لعبد العزيز بن عبد الرحمن الأزدى فحاربه السرى وظفر به فى صفر ولحق كل من كره بيعة على الرضا بالجروى لمنعته بتنيس وشدة سلطانه فسار إلى الاسكندرية وملكها ودعا له بها وببلاد الصعيد.
ثم سار فى جمع كبير لمحاربة السرى واستعد كل منهما لصاحبه بأعظم ما قدر عليه فبعث إليه السرى ابنه ميمونا فالتقيا بشطنوف فقتل ميمون فى جمادى الأولى سنة ثلاث ومائتين وأقبل الجروى فى مراكبه إلى الفسطاط ليحرقها، فخرج إليه أهل المسجد وسألوه الكف فانصرف عنها وحارب الإسكندرية غير مرة، وقتل بها من حجر أصابه من منجنيقه فى آخر صفر سنة خمس ومائتين، ومات السرى بعده بثلاثة أشهر فى آخر جمادى الأولى.
وقام بعد الجروى ابنه على بن عبد العزيز الجروى فحارب أبا نصر محمد بن السرى أمير مصر بعد أبيه بشطنوف، ثم التقيا بدمنهور فيقال إن القتلى بينهما يومئذ كانوا سبعة آلاف، وانهزم ابن السرى إلى الفسطاط فتبعه مراكب ابن الجروى ثم عادت فدخل أبو حرملة فرج بينهما حتى اصطلحا، ومات ابن السرى فى شعبان سنة ست ومائتين، فولى بعده أخوه عبيد الله بن السرى فكف عن ابن الجروى
وبعث المأمون مخلد بن يزيد بن مزيد الشيبانى إلى مصر فى جيش من ربيعة فامتنع عبيد الله بن السرى من التسليم له ومانعه فاقتتلوا وانضم على بن الجروى إلى خالد بن يزيد وأقام له الإنزال وأغاثه وسار حتى نزل على خندق عبيد الله بن السرى، فاقتتلا فى شهر ربيع الأول سنة سبع ومائتين وجرت بينهما حروب بعد ذلك آلت إلى ترفع خالد إلى أرض الحوف، فكره ذلك ابن الجروى ومكر به حتى أخرجه من عمله إلى غربى النيل فنزل بهيا وانصرف ابن الجروى إلى تنيس، فصار خالد فى ضر وجهد وعسكر له ابن السرى فى شهر رمضان وأسره وأخرجه من مصر إلى مكة فى البحر، وبعث المأمون بولاية عبيد الله بن السرى على ما فى يده وهو فسطاط مصر وصعيدها