وقال أيضا أن المسجد الجامع بالجيزة بناه محمد بن عبد الله الخازن فى المحرم سنة خمسين وثلثمائة بأمر الأمير على بن الأخشيد، فتقدم كافور إلى الخازن ببنائه وعمل له مستغلا وكان الناس قبل ذلك بالجيزة يصلون الجمعة فى مسجد همدان وهو مسجد مراحق بن عامر بن بكيل، وشارف بناء هذا الجامع مع الخازن أبو الحسن بن أبى جعفر الطحاوى واحتاجوا له إلى عمد، فمضى الخازن بالليل إلى كنيسة بأعمال الجيزة فقلع عمدها ونصب بدلها أركانا وحمل العمد إلى الجامع، فترك أبو الحسن بن الطحاوى الصلاة فيه مذ ذاك تورعا.
قال اليمنى: وقد كان ابن الطحاوى يصلى فى جامع الفسطاط العتيق وبعض عمده أو أكثرها ورخامه من كنائس الإسكندرية وأرياف مصر وبعضه بناه قرة بن شريك عامل الوليد بن عبد الملك، ويقال: إن بالجيزة قبر كعب الأحبار وأنه كان بها أحجار ورخام قد صورت فيها التماسيح فكانت لا تظهر فيما يلى البلد من النيل مقدار ثلاثة أميال علوا وسفلا وذكر ذلك ابن جبير فى رحلته.
وفى سنة أربع وعشرين وسبعمائة منع الملك الناصر محمد بن قلاوون الوزير أن يتعرض إلى شئ مما يتحصل من مال الجيزة فصار جميعه يحمل إليه، ثم قال:
وبخارج مدينة الجيزة موضع يعرف بأبى هريرة فيظن من لا علم له أنه أبو هريرة الصحابى وليس كذلك بل هو منسوب إلى ابن بنته. انتهى.
وقال فى (تحفة الأحباب وبغية الطلاب) للسخاوى أن أبا هريرة الصحابى، مات على فراسخ من المدينة وحمل إليها ودفن بالبقيع وكان قد حضر قتال معاوية وعلى رضى الله ﵎ عنهما فكان إذا صلى صلّى خلف علىّ وإذا أكل معاوية حضر إليه وأكل معه، وإذا كان وقت الحرب صعد إلى كوم يجلس عليه فقيل له: ما هذا قال: الصلاة خلف على أقوم، وطعام معاوية أدسم والقعود على هذا الكوم أسلم.
وأما أبو هريرة الذى بالجيزة فكان معروفا بالصلاح والدين والخير، وله ذرية لهم مقبرة بجبانة مصر، انتهى.