للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقام ببلد ليس به أحد من بنى أبى فقال له مروان: يا بنى عمهم بإحسانك يكونوا كلهم بنى أبيك واجعل وجهك طلقا تصف لك مودتهم وأوقع إلى كل رئيس منهم أنه خاصتك دون غيره، يكن لك عينا على غيره وتنقاد قومه إليك، وقد جعلت معك أخاك بشرا مؤنسا، وجعلت لك موسى بن نصر وزيرا ومشيرا وما عليك يا بنى أن تكون أميرا بأقصى الأرض أليس ذلك أحسن من إغلاق بابك وخمولك فى منزلك، وأوصاه عند مخرجه من مصر إلى الشام فقال أوصيك بتقوى الله فى سر أمرك وعلانيته ف ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ (١) وأوصيك أن لا تجعل لداعى الله عليك سبيلا، فإن المؤذن يدعو إلى فريضة افترضها الله ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً﴾ (٢) وأوصيك أن لا تعد الناس موعدا إلا أنفذته لهم/وإن حملته على الأسنة، وأوصيك أن لا تعجل فى شئ من أمر الحكم حتى تستشير، فإن الله لو أغنى أحدا عن ذلك لأغنى نبيه محمدا عن ذلك بالوحى الذى يأتيه قال الله ﷿ ﴿وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (٣)، وكان خروج مروان من مصر لهلال رجب سنة خمس وستين، وتوفى لهلال رمضان من تلك السنة، وكانت مدة ولاية عبد العزيز ابنه على مصر عشرين سنة وبويع ابنه عبد الملك فأقرّ أخاه عبد العزيز، ووفد على عبد الملك فى سنة سبع وستين وجعل على الحرس والخيل والأعوان جناب بن مرثد الرعينى، ووفد مرة أخرى على أخيه عبد الملك فى سنة خمس وسبعين، وهدم جامع الفسطاط كله وزاد فيه من جوانبه كلها فى سنة سبع وسبعين، وأمر بضرب الدنانير المنقوشة وبنى أيضا بحلوان مقياسا للنيل صغير الذراع.

وقال ابن عفير: كان لعبد العزيز ألف جفنة كل يوم تنصب حول داره ومائة جفنة يطاف بها على القبائل تحمل على العجل، وتوفى ابنه الأصبغ بن عبد العزيز لتسع بقين من ربيع الآخر سنة ست وثمانين فمرض عبد العزيز وتوفى ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين، فحمل فى النيل من حلوان إلى الفسطاط فدفن بها.


(١) سورة النحل آية ١٢٨.
(٢) سورة النساء آية ١٠٣.
(٣) سورة آل عمران آية:١٥٩.