تلك البلدة، والواردين إليها فى الحديقة المجاورة للحمام المتقدم ذكرها، فكان لهذا الأمر عند الناس أحسن وقع، ومراعاة حسن الانتظام فى تعيين مواقيت الوابورات فى الذهاب والإياب بحسب ما يناسب سكان المحروسة وحلوان دفعا متعددة تبلغ فى اليوم والليلة اثنتى عشرة مرة، بحيث أصبحت كأنها قطعة من المحروسة لسهولة المواصلة بينهما.
ولما كانت عمارية البلاد من أجل مآثر الملوك التى تخلد لهم حسن الذكر وجليل الحمد على مدى الدهور وتولى العصور، إذ ليس من نعمة تضاهى نعمة العمار الذى أخذ بناصره جناب خديوينا الأكرم، وعزيزنا الأفخم، وقد رأينا أن اليراع يكل عن حصرها، واللسان يقصر عن حمدها وشكرها فإن نعمه لا تجازى، وإحسانه لا يوازى، عدلنا عن باب الوصف والثناء، إلى باب الطلب والدعاء.
فنقول: اللهم أدم جنابه العالى مصدرا لغرر الفضائل، ومنبعا لجميل المآثر، مظفر الألوية والأعلام، ممدود الظلال على الخاص والعام، بالغا أبعد مرامى المرام بدانى العزيمة والاهتمام مستوليا على ما تخطبه عزمته وتمتطيه همته النصرة تخدمه، والدهر يرأمه، والفتوح تصافحه، والمناجح تغاديه وتراوحه، لا زال نجمه صاعدا، وزمانه مسعدا ومساعدا، ولا زالت أنجاله الكرام، وأشباله الفخام غرة فى جبين الليالى والأيام، ملحوظة بعين عناية مولانا الملك العلام.
ثم إن أكثر أهالى حلوان الآن كأهالى المعصرة يتجرون فى البلاط والجبس، وعادة الحجارين أن يقطعوا من الجبل مكعبات ضلعها تارة نصف متر وتارة ثلاثة أرباع متر، ثم ينشرون ذلك بمناشير الفولاذ فيجعلونه بلاطا مستطيلا أو مربعا، وبلاطها أقل جودة من بلاد المعصرة ووزن المتر المكعب منه ألف وستمائة كيلو، ويتشرب من الماء خمس زنته، ولا يوجد البلاط عادة إلا فى الطبقات البعيدة عن سطح الأرض من خمسة عشر مترا إلى عشرين، وفى استخراجه يصنعون آبارا رأسية ويقطعون الحجر فى أسفلها من دهاليز يحفرونها فيها، وأبنية البلد من الدبش والطوب المحرق وفيها قليل من الغرف، وبها جامع بناه عمدتها المرحوم سالم حماد، ونخيلها كثير وأطيانها جيدة يزرع فيها أنواع المزروعات حتى القرطم والدخان والقثاء.