وكان بعض أهل الذوق يعدّ سفره أميرا على الركب وأميرا للواء من أجل أشراط الساعة، ويستدل بالحديث الشريف الوارد فى هذا المعنى، خصوصا مع عدم تقدم ولاية أمير فلاحة على وفود الله فى الزمن الغابر، فضلا عن أن يكون من سابقته الشعبة وبيوت الشعر مندرجا مع أعيان الأمراء الأكابر فيعوّل فى إنكاره على الاستقراء والتتبع الماضى ولا يلوى إلى سلوك سبيل التساهل والتقاضى.
ثم قال: وأتذكر فى عام حجته أميرا على الركب جلوسى بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة فى يوم عيد الله الأكبر حالة إرخاء ستور الكعبة بكسوتها الجديدة بين جماعة من أعيان الحرم، وأمير الحاج المذكور فوق سطح البيت مخففا من ثيابه يعاون السدنة فى تعليق الستور، إذ جاء إلىّ الشيخ العلامة الأديب محب الدين بن ملا حاجى العجمى الذى كان مطوّفا لمصطفى باشا اليمنى وبعده لعدة من أمراء الحاج، فجلس يحادثنى إذ حانت منه التفاتة إلى البيت فرأى أمير الحاج بتلك الصورة على ظهر الكعبة فأشار إليه مبادرا قائلا:«رويعى غنم. لقد ارتقيت مرتقى صعبا» فأعجب /الحاضرين ذلك، يشير إلى قول أبى جهل بن هشام زاده الله نكالا لعبد الله بن مسعود ذلك حين مر عليه فى قتلى بدر ووضع رجله على عنقه قائلا «هل أخزاك الله يا عدوّ الله ثم احتز رأسه».
ومن حوادث هذه البلدة أنه وقع بها فى سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف، وقعة بين شاهين بيك الألفى وعرب أولاد على، وكانوا مقيمين بها وكانت عرب الهنادى وجهينة بعد صلح الأمراء المماليك والعزيز محمد على باشا قد حضروا وتصالحوا بتوسط شاهين بيك الألفى على أن يرجعوا إلى منازلهم بالبحيرة ويطردوا أولاد على المتغلبين على الأقليم، فسافر معهم شاهين بيك وخشداشيته وحصل القتال بينهم فى هذا الموضع، فكانت مقتلة عظيمة مات فيها كثير من عرب أولاد على وأسر منهم نحو الأربعين وغنموا منهم كثيرا من الأغنام والجمال وتفرقوا فى جهة قبلى والفيوم.
وفى شهر رمضان توسط أولاد على ببعض أهل الدولة وعملوا للباشا مائة ألف ريال على رجوعهم للبحيرة وإخراج الهنادى منها فأجابهم لذلك فدخلوها وتحاربوا مع الهنادى وجهينة وضيقوا عليهم، واجتمع الهنادى وجهينة بحوش عيسى، فأرسل