وعرّوا الغزّ ورموهم فى مقطع من الجسر، وأرسل العبيد ومعهم الجراريف فجرفوا عليهم التراب من غير غسل ولا تكفين، ثم رجع إلى بلده وقد خلص ثأره وزيادة.
وحضر الأجناد إلى مصر وأخبروا الصنجق بما وقع لهم مع حبيب وأولاده، فعزل الأمير حسن أبا دفية من رتبة قائم مقام، وولى خلافه وأعطاه فرمانا بضرب حبيب وأولاده، وركب عليهم من البر والبحر فوصلت النديرة إلى حبيب، فرمى مدافع أبى دفية فى البحر ووضعوا النحاس فى أشناف وألقاه أيضا فى البحر.
وقيل: إن حبيبا قبل هذه الواقعة بأيام أحضر ستة قناديل وعمرها بعد ما عاير فتائلها ورتبها بالميزان عيارا واحدا، وكتب على كل قنديل ورقة باسمه واسم أخيه وأولاده واسم ابن إيواظ وأسرجها دفعة واحدة فانطفأ الذى باسمه أولا ثم انطفأ قنديل ابن إيواظ ثم قناديل أخيه وأولاده شيئا بعد شئ فقال أنا أموت فى دولة ابن إيواظ، ولما وصل إليه الخبر بحركة ابن إيواظ وركوبه عليه، ركب مع أخيه وأولاده وخرجوا هاربين ووصل ابن إيواظ إلى دجوة ورمح على دواويرهم ورموا الرصاص، وكانت المراكب وصلت إلى البر الغربى تجاه دجوة ورست هناك/وموعدهم سماع البندق، فعند ذلك عدوا إلى البر الشرقى وطلعوا عليه، فأمر ابن إيواظ بهدم دوائر الحبائبة فهدموها بالقزم والفؤس، وأنشأ كفرا بعيدا عن البحر بساقية وحوض دواب، وأنشأ به جامعا بميضأة وطاحونين. وجمع أهل البلد فعمروا مساكنهم فى الكفر وسموه كفر الغلبة، ورجع الأمير إسماعيل بيك إلى مصر، وأخذ الغز والأجناد أبقارا وأغناما وجواميس وأمتعة وفرشا وأخشابا شيئا كثيرا، ووسقوه فى المراكب وحضروا به من البر إلى مصر، وكتب مكاتبات إلى سائر القبائل من العرب بتحذيرهم من قبولهم حبيبا وأولاده، وأن لا يجتمع عليه أحد ولا يأويه، فلم يسعه إلا أنه ذهب إلى عرب غزة فأكرموه ولم يزل بها حتى مات.
ثم بعد ذلك حضر ابنه سالم إلى قليوب ونزل ببيت الشواربى سرّا وأخذ له مكاتبة من إبراهيم بيك أبى شنب خطابا إلى ابن وافى المغربى، بأن يوطن أولاد حبيب عنده حتى يأخذ لهم إجازة من أستاذهم فأرسل ليحضر عمه وأخاه سويلما وعدوا الجبل الغربى، وساروا إلى ابن وافى شيخ المغاربة فرحب بهم وضرب لهم بيوت شعر وأقاموا إلى سنة ثلاثين ومائة وألف.