للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لما مات إبراهيم بيك أبو شنب، وكان يواسى أولاد حبيب ويرسل لهم وصولات بغلال يأخذونها من بلاده القبلية ضاقت معيشتهم، فحضر سالم بن حبيب من عند ابن وافى خفية وذلك قبل طلوع ابن إيواظ بالحج سنة إحدى وثلاثين، ودخل بيت السيد محمد دمرداش فسلم عليه وعرفه بنفسه فرحب به.

ثم شكا سالم له حال غربته وبات عنده تلك الليلة وأخذه فى الصباح إلى ابن إيواظ، فدخل عليه وقبل يده ووقف، فقال السيد محمد للصنجق أعرفت هذا الذى قبل يدك، قال: لا، قال هذا الذى جم أذناب خيولك قال سالم قال: لبيك، قال: أتيت بيتى ولم تخف قال له نعم أتيت بكفنى إما أن تنتقم، وإما أن تعفو فإننا ضقنا من الغربة، وها أنا بين يديك فقال له مرحبا أحضر أهلك وعيالك وعمر فى الكفر واتق الله تعالى وعليكم الأمان.

وأمر له بكسوة وشال، وكتب له أمانا وأرسل به عبده وركب سالم وذهب إلى إبراهيم الشواربى بقليوب فأقام عنده حتى وصل العبد بالأمان إلى عمه وأخيه فى بنى سويف، فحملوا وركبوا وساروا إلى قليوب ونزلوا بدار أوسية الكفر حتى بنوا لهم دواوير وأماكن ومساكن، وأتتهم العرب ومشايخ البلاد ومقادمها للسلام بالهدايا والتقادم، فأقام على ذلك حتى تولى محمد بيك بن إسمعيل بيك أمير الحاج فأخذ منه إجازة بعمار البلد التى على البحر وشرع فى تعمير الدّور العظيمة والبساتين والسواقى والمعاصر والجامع، وذلك سنة أربع وثلاثين ومائة وألف.

واستقام حال سالم واشتهر ذكره وعظم صيته واستولى على خفارة البرين ونفذت كلمته فى البلاد البحرية من بولاق إلى البغازين وصارت المراكب والرؤساء تحت حكمه وضرب عليها الضرائب والعوائد الشهرية والسنوية، وأنشأ الدواوير الواسعة والبستان الكبير بشاطئ النيل، وكان عظيما جدا وعليه عدة سواق وغرس به أصناف النخل والأشجار المتنوعة فكانت ثماره وفواكهه تجتنى بطول السنة وأحضر له الخولة من الشام ورشيد وغير ذلك.

ولما وقعت الوقائع بين ذى الفقار بيك ومحمد بيك جركس وحضر محمد بيك جركس بما معه من اللموم إلى قرب المنشية وخرجت عليه عساكر مصر أرسلوا إلى سالم بن حبيب فجمع العرب وحضر بفرسانه وعبيده إلى ناحية الشيمى، وحارب