يكرم الضيفان ويحب العلماء وأرباب الفضائل، ويأنس بهم/ويتكلم معهم فى المسائل ويواسيهم ويهاديهم خصوصا أرباب المظاهر.
واتفق أن الشيخ عبد الله الشبراوى أضافه فقدم له جملا، ولم يزل على ما ذكرنا حتى جرد عليهم على بيك، وهرب سويلم إلى البحيرة فى السنة الماضية ثم جرد عليه فى هذه السنة وعلى الهنادى، وقتل شيخ العرب سويلم وخمسة وأربعون شخصا من الحبايبة وأتى برأسه فعلقت بالرميلة ثلاثة أيام، وبقى من أولادهم خمسة وهم:
سيد حمد وسالم ومحمد وأحمد وعلى فنزلوا على حكم إسمعيل بيك، فأرسل إلى على بيك ليؤمنهم، فامتنع وقال: لا بد من قتل الجميع، فأرسل إسمعيل بيك إلى محمد بيك فكلّم على بيك فى ذلك وترضى خاطره فأمنهم بشرط أن لا يسكنوا محلهم ولا يكون لهم ذكر، وتشتتت قبيلتهم إلى أن جمعهم مراد بيك تابع محمد بيك أبى الذهب، وترأس عليهم شيخ العرب أحمد بن على بن سويلم، ولكن دون الحالة الأولى بكثير من غير صولة ولا مقارشة (١) ولا تعدّ ولا خفارة.
وكان إنسانا حسنا وجيها محتشما مقتصرا على حاله وشأنه ملازما قراءة الأوراد والمذاكرة ويحب أهل الفضل والصلاح ويتبرك بهم وبدعائهم، وكان أبوه علىّ نزل بقليوب بدار فيحاء، وكان حسن الخلق والخلق وله حشم وأتباع كثيرة وله هيبة عندهم، وكان طيب البزة فصيحا يحفظ الأشعار والنوادر وعنده معرفة، وكان يفهم المعنى ويحقق الألفاظ ويطالع الكتب مثل مقامات الحريرى وغيرها.
وذكر الجبرتى أيضا فى حوادث سنة ثلاث ومائتين وألف، أن على بيك الدفتدار أخذ فرمانا من الباشا بركوبه على أولاد حبيب وتخريب بلدهم، وسبب ذلك أن أولاد حبيب قتلوا عبد العلى بيك بمنية عفيف، بسبب حادثة وقعت هناك.
وكان ذلك العبد موصوفا بالشجاعة والفروسية، فعز ذلك على علىّ بيك، وأخذ الفرمان من الباشا ونزل إليهم وصحبته باكير بيك ومحمد بيك المبدول، فعندما علم الحبايبة بذلك وزعوا متاعهم وارتحلوا من البلد وذهبوا إلى الجزيرة، فلما وصل على
(١) المقرشة: الشّجاج التى تصدع العظم ولا تهشمه، ويقال أيضا: اقترش فلان بفلان، إذا سعى به وبغاه سوءا «اللسان: قرش».