للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخنزير، ويقول إن أكابر الإنجليز البروتستانيين على هذا الرأى النضير، معللا ذلك بأنهما يضران بالصحة، فانظر وفاقهم لنا فى هذه اللمحة.

ثم لما طال عليه المكث فى مصر كأنه بها مقيم لإنجاز هذا الأمر الجسيم، سافر إلى بلده فى حالة صحة أحسن من التى كان ورد بها إلى هذا الإقليم لنيل هذه المنحة، لأنه كان-كما أخبرنى-مريضا بالسل وأشار عليه من الحكماء الجل بتغيير الهواء إما بالسفر إلى إيطاليا أو مصر من البلاد المتقاربة الأهواء، فاختار مصر لهذا السبب، ولم يخل اختياره لها من قضاء ما ذكرنا من الأرب.

وكان هذا اللبيب الماهر منصور يتداوى من المرض المذكور بواسطة قسيس إنجليزى اسمه المستر ليدر بالمستحضرات الجديدة ككربونات الحديد وكبريتاته والماء المطفأ فيه محمى ذلك المعدن. وقد اجتمعت على هذا القسيس، لسبب يأتى ذكره، فكنت أسمع منه ما يؤذن بالتوحيد ومواعظ ما لها الحث على إتيان مكارم الأخلاق، والتخويف من المولى الخلاق.

ولما أراد السفر هادانى بهدايا منها: سجادة صاية عظيمة لها عند الفقير قدر وقيمة، وابنا أخته بخرج لطيف عجمى شغل الأبرة بديع، لأجل أن أتذكر ما كان بيننا من الصنيع، ثم نسخة من القاموس وساعة ذات زى مأنوس، وجزلك للمساعدة على القراءة والكتابة ذى بلور صخرى موافق لبصرى، لأنه قبل أن يحضره من بلدته لوندره قاس مسافة الأبصار اللائقة أن تكون بين عينى والأسطار، وحفظ ذلك عنده، حتى أنه لما ضاع منى بعد/سفره كتبت إليه أعرفه بخبره، فأرسل لى مثله على قياس بدون لجاج لمعرفته بالسن وقياس الأبصار ونمرة الزجاج.

وقبل عزمه على السفر اتفقنا على أن يترك عندى بقية نسخة تاج العروس لأقابلها، وأكتب عليها ما سقط من الكاتب وتقييدات لما عساه أن يقف فيه من العبارات، فكنت أجرى ذلك وأرسل له على يد صاحبه القسيس كل شهر من عشرة كراريس إلى خمسة عشر، حتى تم ذلك الكتاب المستطاب وصفى محكم عبابه وطاب.

وحيث أن فى الكتاب خرمين كتب لى عليهما فعوضتهما له باستنساخ ما يقابلهما من نسخة الكتاب اللباب التى كانت بخزينة الأشرفية لأنها كانت أوقيانوس هذا الشرح بالكلية