للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزين/العراقى، وسبط ناصر الدين بن المنير مؤلف المقتفى والانتصاف من الكشاف، والثلاثة من المائة الثامنة.

ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة بالإسكندرية، وسمع بها من البهاء بن الدمامينى-قريبه المشار إليه-وعبد الوهاب القروى فى آخرين، وكذا بالقاهرة من السراج بن الملقن وغيره، وبمكة من القاضى أبى الفضل الشوبرى، واشتغل ببلده على فضلاء وقته، فمهر فى العربية والأدب، وشارك فى الفقه وغيره، لسرعة إدراكه وقوة حافظته، ودرس بالإسكندرية فى عدة مدارس، وناب بها عن ابن التنسى فى الحكم، وقدم معه القاهرة وناب بها أيضا، بل تصدر بالأزهر لإقراء النحو، ودخل دمشق مع ابن عمه سنة ثمانمائة، وحج منها ثم رجع إلى بلده وأقام بها تاركا النيابة، بل ولى خطابة جامعها مع إقباله على الاشتغال وإدارة دولاب متسع للحياكة وغير ذلك، إلى أن وقف عليه مال كثير، بل واحترقت داره ففر من غرمائه إلى جهة الصعيد فتبعوه وأحضروه إلى القاهرة مهانا، فقام معه التقى بن حجة، وأعانه كاتب السر ناصر الدين ابن البارزى حتى صلح حاله.

وحضر مجلس المؤيد وعين لقضاء المالكية بمصر فرمى بقوادح غير بعيدة عن الصحة، واستمر مقيما إلى شوّال سنة تسع عشرة، فحج وسافر لبلاد اليمن فى أول التى تليها، فدرس بجامع زبيد نحو سنة، ولم يرج له بها أمر، فركب البحر إلى الهند فأقبل عليه أهلها كثيرا، وأخذوا عنه وعظموه وحصل دنيا عريضة، فلم يلبث أن مات.

وكان أحد المتكلمين فى فنون الأدب، أقر له الأدباء بالتقدم فيه وبإجادة القصائد والمقاطيع والنثر، معروفا بإتقان الوثائق مع حسن الخط والمودة. وصنف نزول الغيث انتقد فيه أماكن من شرح لامية العجم للصلاح الصفدى المسمى بالغيث الذى انسجم، وأذعن له أئمة عصره. وكذا عمل تحفة الغريب فى حاشية مغنى اللبيب، وهما حاشيتان يمنية وهندية. وقد أكثر من تعقبه فيها شيخنا الشمنى، وكان غير واحد من فضلاء تلامذته ينتصر للبدر، وشرح البخارى، وقد وقفت عليه فى مجلد وأجله فى الإعراب ونحوه، وشرح أيضا التسهيل والخزرجية، وله جواهر البحور فى العروض وشرحه، والفواكه البدرية من نظمه، ومقاطع الشرب، وعين الحياة مختصر