للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها التحف العظيمة التى أهدتها الأفرنج إليه، وعملوا بقاعة الجلوس السفلى فسقية عظيمة ونوفرة كبيرة، وحولها نوفرات من الصفر يخرج الماء من أفواهها، وجعل بها حمامين علويا وسفليا، وبنى بدار الحوش عدة كبيرة من الطباق لسكنى المماليك وجعلها دورا واحدا.

ولما تم البناء والبياض والدهان فرشها بأنواع الفروش والوسائد والمساند والستائر المقصبات، وجعل خلف الدار المذكورة بستانا عظيما وأنشأ به جملونة مستطيلة من جهة البحرى ينتهى آخرها إلى الدور المتصل بقنطرة الدكة. وأهدى له أيضا الإفرنج فسقية من رخام فى غاية العظم فيها صورة أسماك مصورة يخرج من أفواهها الماء جعلها بالبستان المذكور.

وقد سكن بها عياله وحريمه فى آخر شعبان من سنة اثنتى عشرة. ولما استهل شهر رمضان أوقدوا فيها الوقدات والأحمال الممتلئة بالقناديل بدائر الحوش والرحبة الخارجة، وكذلك بقاعة الجلوس أحمال النجف والشموع والصحب.

وهنأته الشعراء، ونظم الأستاذ الفاضل الشيخ حسن العطار تاريخا لقاعة الجلوس فى بيتين نقشوهما بالأزمير على أسكفة باب القاعة وموهوهما بالذهب، وهما هذان البيتان:

شموس التهانى قد أضاءت بقاعة … محاسنها للعين تزداد بالألف

على بابها قال السرور مؤرخا … سماء سعاداتى تجدد بالألفى

وازدحمت خيول الأمراء ببابه، فأقام على ذلك إلى منتصف شهر رمضان وبدا له السفر إلى الشرقية فأبطلوا الوقدات وأطفؤا الشموع، فكانت مدة سكناه بالدار المذكور ستة عشر يوما بلياليها.

ثم فى أثناء غيبته بالشرقية، وصلت الفرنساوية إلى الإسكندرية ثم إلى مصر، وجرى ما جرى، وذهب مع عشيرته إلى قبلى، وعند وصول الفرنساوية إلى برّ إنبابه الغربى ومحاربتهم مع المصريين، أبلى-المترجم-وجنده فى تلك الوقعة بلاء حسنا، وقتل من كشافه عدة وافرة، ولم يزل مدة إقامة الفرنساوية بمصر ينتقل من