للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: مجئ القبطان وموسى باشا-على الهيئة المتقدم ذكرها-ورجوعهما من غير طائل.

والثانى: عدم ملك دمنهور، وكان قصده أن يجعلها معقلا ويقيم بها حتى تأتيه النجدة.

والثالث: تأخير مجئ النجدة حتى قحطوا واضطروا إلى الرحيل/.

والرابع: وهو أعظمها، مجانبة إخوانه وعشيرته وخذلهم له وامتناعهم عن الانضمام إليه.

فارتحل من البحيرة بجيوشه وبمن معه من العرب، حتى وصل إلى الأخصام، وقد وصل إلى كفر حكيم يوم الثلاثاء ثامن عشر القعدة، وانتشرت جيوشه بالبر الغربى ناحية إنبابة والجيزة، ومرّ المترجم فى هيئة عظيمة وجيوش تسد الفضاء، وهم مرتبون طوابير ومعهم طبول، وصحبتهم قبائل العرب من أولاد على والهنادى وعرب الشرق فى كبكبة زائدة. ولم يزل سائرا حتى وصل إلى قريب قناطر شبرمنت، فنزل على علوة هناك وجلس عليها، وزاد به القهر ونظر إلى جهة مصر، وقال: «يا مصر انظرى إلى أولادك وهم متباعدون عنك ومتشتتون حولك». وصار يردد هذا الكلام إلى أن تحرك به خلط دموى فتقايأ فى الحال، وقال: «قضى الأمر وخلصت مصر لغيرى»، وما ثم من ينازعه ويطالبه.

ثم أحضر أمراءه وأمرّ عليهم جاهين بيك، وأوصاه بخشداشيه وأوصاهم عليه، وأن يحرصوا على دوام الألفة بينهم، وأوصاهم إذا مات يحملونه إلى وادى البهنساوية ويدفنونه بجوار قبور الشهداء. فمات فى تلك الليلة، وهي ليلة الأربعاء تاسع عشر ذى القعدة سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف، وعمره خمس وخمسون سنة. وكان موته فى ناحية المحرقة بالقرب من دهشور، ولما غسلوه وكفنوه، حملوه على بعير وأرسلوه إلى البهنسا فدفن هناك بجوار الشهداء كما أوصى بذلك، ، ا. هـ.

وفى هذه المدينة-أعنى دمنهورا-دفن الشيخ عبد الرحمن الحلبى، وكان يقال له الدمنهورى لأنه تولى قضاءها زمنا.