للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عددهم، وأخذوا فى الإغارة على الفرنج، فملأ الفرنج أسوار مدينة دمياط بالمقاتلة والآلات.

فلما كان أول ربيع الأول قدم إلى القاهرة من أسرى الفرنج الذين تخطفهم العرب ستة وثلاثون منهم فارسان، وفى خامس ربيع الآخر ورد منهم تسعة وثلاثون، وفى سابعه ورد اثنان وعشرون أسيرا، وفى سادس عشرة ورد خمسة وأربعون أسيرا منهم ثلاثة خيالة، وفى ثامن عشر جمادى الأولى ورد خمسون أسيرا-هذا ومرض السلطان يتزايد وقواه تتناقص حتى أيس الأطباء منه-، وفى ثالث عشر رجب قدم إلى القاهرة سبعة وأربعون أسيرا وأحد عشر فارسا، وظفر المسلمون بمسطح للفرنج فى البحر فيه مقاتلة بالقرب من نستراوة.

فلما كانت ليلة الأحد لأربع عشرة مضت من شعبان مات الملك الصالح بالمنصورة، فلم يظهر موته وحمل فى تابوت إلى قلعة الروضة، وقام بأمر العسكر الأمير فخر الدين ابن شيخ/الشيوخ.

فإن شجرة الدر زوجة السلطان لما مات أحضرت الأمير فخر الدين، والطواشى جمال الدين محسنا، وإليه أمر المماليك البحرية والحاشية، وأعلمتهما بموته، فكتما ذلك خوفا من الفرنج، لأنهم كانوا قد أشرفوا على تملك ديار مصر. فقام الأمير فخر الدين بالتدبير، وسيروا إلى الملك المعظم توران شاه وهو بحصن كيفا، الفارس أقطاى لإحضاره. وأخذ الأمير فخر الدين فى تحليف العسكر للملك الصالح وابنه الملك المعظم بولاية العهد من بعده، وللأمير فخر الدين باتابكية العسكر، والقيام بأمر الملك حتى حلفهم كلهم بالمنصورة، وبالقاهرة فى دار الوزارة عند الأمير حسام الدين بن أبى على فى يوم الخميس لاثنتى عشرة بقيت من شعبان. وكانت العلامات تخرج من الدهاليز السلطانية بالمنصورة إلى القاهرة بخط خادم، يقال له سهيل، لا يشك من رآها أنها خط السلطان، ومشى ذلك على الأمير حسام الدين بالقاهرة، ولم يتفوه أحد بموت السلطان.

إلى أن كان يوم الاثنين لثمان بقين من شعبان، ورد الأمر إلى القاهرة بدعاء الخطباء فى الجمعة الثانية للملك المعظم بعد الدعاء للسلطان، وأن ينقش اسمه على السكة.