وكان يبذل جهده فى كتم حاله والله تعالى يظهر خيره وبركته من غير قصد منه لذلك، وعرفت له عدة كرامات.
وكان سلوكه على طريق السلف من التمسك بالكتاب والسنة، والنفور عن الفتنة وترك الدعاوى واطراحها، وستر حاله والتحفظ فى أقواله وأفعاله.
وكان لا يرافق أحدا فى الليل، ولا يعلم أحد يوم صومه من يوم فطره. ويجعل دائما قول «إن شاء الله تعالى» مكان قول غيره «والله».
ثم إن الشيخ عبد العزيز الدميرى أشار عليه بالنكاح وقال له: النكاح من السنة، فتزوج فى آخر عمره بامرأتين لم يدخل على واحدة منهما نهارا البتة، ولا أكل عندهما ولا شرب قط. وكان ليله ظرفا للعبادة، لكنه يأتى إليهما أحيانا وينقطع أحيانا لاستغراق زمنه كله فى القيام بوظائف العبادات وإيثار الخلوة. وكان خواص خدمه لا يعلمون بصومه من فطره، وإنما يحمل إليه ما يأكل ويوضع عنده بالخلوة فلا يرى قط آكلا.
وكان يحب الفقر ويؤثر حال المسكنة، ويتطارح على الخمول والجفاء، ويتواضع مع الفقراء، ويتعاظم على العظماء والأغنياء.
وكان يقرأ فى المصحف، ويطالع الكتب، ولم يره أحد يخط بيده شيئا، وكانت تلاوته للقرآن بخشوع وتدبر، ولم يعمل له سجادة قط، ولا أخذ على أحد عهدا، ولا لبس طاقية، ولا قال أنا شيخ، ولا أنا فقير، ومنى قال فى كلامه «أنا» تفطن لما وقع منه واستعاذ بالله من قول «أنا»، ولا حضر قط سماعا، ولا أنكر على من يحضره.
وكان سلوكه صلاحا من غير إصلاح، ويبالغ فى الترفع على أبناء الدنيا، ويترامى على الفقراء ويقدم لهم الأكل، ولم يقدم لغنى أكلا البتة، وإذا اجتمع عنده الناس قدم الفقير على الغنى، وإذا مضى الفقير من عنده سار معه وشيعه عدة خطوات، وهو حاف بغير نعل، ووقف على قدميه ينظره حتى يتوارى عنه، ومن كان من الفقراء يشار إليه بمشيخة جلس بين يديه بأدب مع إمامته وتقدمه فى الطريق.
ويقول:«ما أقول لأحد افعل أو لا تفعل، من أراد السلوك يكفيه أن ينظر إلى أفعاله، فإن من لم يتسلك بنظره لا يتسلك بسمعه».