وقال له شخص من خواصه: يا سيدى ادع الله لنا أن يفتح علينا فنحن فقراء، فقال:«إن أردتم فتح الله فلا تبقوا فى البيت شيئا، ثم اطلبوا فتح الله بعد ذلك فقد جاء: «لا تسأل الله ولك خاتم من حديد».
ومن كلامه:«الفقير بحال البكر إذا سأل زالت بكارته».
وسأله بعض خواصه أن يدعو له/بسعة وشكى له الضيق، فقال:«أنا ما أدعو لك بسعة، بل أطلب لك الأفضل والأكمل».
وكان مع اشتغاله بالعبادة واستغراق أوقاته فيها لا يغفل عن صاحبه ولا ينسى حاجته حتى يقضيها، ويلازم الوفاء لأصحابه، ويحسن معاشرتهم، ويعرف أحوال الناس على طبقاتهم، ويعظم العلم، ويكرم الأيتام، ويشفق على الضعفاء والأرامل، ويبذل شفاعته فى قضاء حوائج الخاص والعام من غير أن يمل ولا يتبرم بكثرة ذلك، ويكثر من الإيثار فى السر، ولا يمسك لنفسه شيئا، ويستقل ما يؤخذ منه مع كثرة إحسانه، ويستكثر ما يدفع إليه وإن كان يسيرا ويكافئ عليه بأحسن منه، ولم يصحب قط أميرا ولا وزيرا، بل كان فى سلوكه وطريقه يرفع فى تواضع، ويعزز مع مسكنة، وقرب فى ابتعاد، واتصال فى انفصال، وزهد فى الدنيا وأهلها.
وكان اكبر من خبره، ومن دعائه لنفسه ولمن يسأل له الدعاء:«اللهم بعدنا عن الدنيا وأهلها وبعدها عنا». وما زال على ذلك إلى أن مات آخر ليلة أسفر صباحها عن الثامن من شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وستمائة، وترك ولدين ليس لهما قوت ليلة، وعليه مبلغ ألفى درهم دينا، ودفن بجوار الجامع، وقبره يزار إلى يومنا هذا.
(ا. هـ. مقريزى بحروفه).
وقال فى الكلام على تنيس: إنه كان يحاك بدمياط وبها ثياب الشروب، التى لا يصنع بها مثلها فى الدنيا. وكان يصنع للخليفة ثوب-يقال له البدنة-لا يدخله من الغزل سدى ولحمة غير أو قيتين وينسج باقيه بالذهب بصناعة محكمة لا تحوج إلى تفصيل ولا خياطه، تبلغ قيمته ألف دينار، وليس فى الدنيا طراز ثوب كتان يبلغ الثوب منه وهو ساذج بغير ذهب مائة دينار عينا غير طراز تنيس ودمياط. وإن كانت شطا