قال صاحب هذا الكتاب:/وشاهدت مرارا وأنا بدمياط فى سنة اثنتين وستين وتسعمائة، هذه الدابة التى تسمى هنالك فرسا، وهى بالأوصاف التى ستذكر، رأيت ثلاثة معا، وولدت واحدة ببئر العدوة من جهة المنية، وأحضروا إلىّ ولدها، فتأملته، وقيل لى: إن هذه الفرس لا تلد إلا فى البر فإن المصران الذى يعلق بولدها فيه طول، ومتى ولدت فى الماء أكل الحيتان المصران، فيموت الولد، ثم اتفق أنه لما أعيد ولدها المذكور إلى البحر رؤى من الغد ميتا فى طرق دمياط من الجهة الأخرى، والمصران مأكول، وقد رميت بالبندق الرصاص فلم يقطع فيها، بل كان يفترش على جلدها الرصاص كالعجين، ورماها طبجى باشا بقلعة دمياط بزار بزان فيه وزن مائة وخمسين رصاصة فغاصت الطوب فى جلدها ثم وقعت منها فى ساعتها، وكان بعض النشاب يغوص فى الفرس من تلك الأفراس إلى نصفها وإلى ثلثها.
قالوا: وما رأينا فرسا منهن ميتة إلا واحدة من قبل ذلك، وليس لهن خوف من الإنسان وتقبل عليه فينهزم. منها، ثم يستدبرها وهى فى الوحل فيضربها بالعصا الشديدة فلا تتأثر.
وفى خطط المقريزى: أنه يأكل التمساح أكلا ذريعا، ويقوى عليه قوة ظاهرة.
وقال صاحب مرآة الزمان: فى النيل سمكة على صورة الفرس، والمكان الذى تكون فيه لا يقربه تمساح.
وقال المقريزى فى عجائب المخلوقات: فرس الماء هو كفرس البر، إلا أنه أكبر عرفا وذنبا وأحسن لونا، وحافره مشقوق كحافر بقر الوحش، وجثته دون فرس البر وفوق الحمار بقليل، وربما يخرج هذا الفرس من الماء وينزو على فرس البر فيتولد منهما ولد فى غاية الجودة والحسن.
حكى أن الشيخ أبا القاسم عركان، نزل على ماء ومعه حجرة (١)، فخرج من الماء فرس أدهم عليه نقط بيض كالدراهم ونزا على حجرته، فولدت مهرا شبيها بأبيه عجيب الصورة، فلما كان ذلك الوقت عاد إلى ذلك المكان والحجرة والمهر معه طمعا فى