الرؤساء كلهم أعداءه، ولا يرضى لعدوّه بدون الهلاك والاستئصال/، ولا يرحم أحدا إذا انتقم منه، ولا يبالى بعاقبة.
وكان له ولأهله كلمة يروونها ويعملون بها كما يعمل بالأقوال الآلهية وهى:
«إذا كنت دقماقا فلا تكن وتدا»، وكان الواحد منهم يعيدها فى اليوم مرات ويجعلها حجة عند انتقامه.
وكان قد استولى على الملك العادل ظاهرا وباطنا ولا يمكن أحدا من الوصول إليه، حتى الطبيب والحاجب والفراش عليهم عيون له، لا يتكلم أحد منهم فضل كلمة خوفا منه.
وكان أكبر أغراضه إبادة أرباب البيوت ومحو آثارهم وهدم ديارهم وتقريب الأسقاط وشرار الفقهاء.
وكان لا يأخذ من مال السلطان فلسا ولا ألف دينار ويظهر أمانة مفرطة فإذا لاح له مال عظيم احتجنه.
وكان قد عمى، فأخذ يظهر جلدا عظيما وعدم استكانة، وإذا حضر إليه الأمراء والأكابر وجلسوا على خوانة، يقول: قدموا اللون الفلانى للأمير فلان والصدر فلان والقاضى فلان، وهو يبنى أموره فى معرفة مكان المشار إليه برموز ومقدمات يكابر فيها دوائر الزمان.
وكان يتشبه فى ترسله بالقاضى الفاضل، وفى محاضراته بالوزير عون الدين ابن هبيرة، حتى اشتهر عنه ذلك، ولم يكن فيه أهلية هذا، لكنه كان من دهاة الرجال.
وكان إذا لحظ شخصا لا يقنع له إلا بكثرة الغنى ونهاية الرفعة، وإذا غضب على أحد لا يقنع فى شأنه إلا بمحو أثره من الوجود، وكان كثيرا ما ينشد:
إذا حقرت امرا فاحذر عداوته … من يزرع الشوك لم يحصد به عنبا
وينشد كثيرا:
تودّ عدوّى ثم تزعم أننى … صديقك إن الرأى عنك لعازب