للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل سنة يعمل فيها ثلاثة موالد فى ثلاثة أشهر، جمادى الآخرة ورجب وشعبان.

وعندها جزيرة، يقال لها الجزيرة الخضراء، فى شرقى النيل فيها ملاحة رشيد المشهورة، بينها وبين النيل نحو ربع ساعة، وتنحصر بين أرض المزارع وبحيرة البرلس.

وفى شمال رشيد بجوار الجنائن على شاطئ البحر قشلة متسعة يقيم بها العساكر الجهادية، ومن بحرى هذه القشلة مقبلا إلى التلول رصيف بحافة البحر متين. وفى بحريها أيضا، على نحو فرسخ بالشاطئ الغربى، قلعة حصينة مربعة الشكل فى كل زاوية من زواياها برج عليه مدافع وفيها العساكر الكافية، وتجاه القلعة بالشاطئ الشرقى بطارية مسلحة عليها أيضا مدافع وفيها عسكر ومهمات كافية لحماية القطر من تلك الجهة كباقى الثغور الإسلامية، فلا تتمكن السفن الطارئة من الدخول من البغاز إلا بالتأمين والدلالة، سيما مع صعوبة البوغاز وعدم اهتداء الطارئ إلى حيث يدخل لتغير المدخل فى أوقات السنة، فتارة يكون بعيدا فى البحر، وتارة يقرب من البر، وتارة يتحول إلى الشرق، وتارة إلى الغرب، وذلك بسبب تصادم النيل والبحر، فيتكوّن عن ذلك رمال ولا تبقى إلا فتحة صغيرة تمر فيها المراكب بدلالة رئيس البغاز، فلذا كثيرا ما يحصل تلف لمراكب وبضائع عند هبوب الريح.

وفى جنوب المدينة على الشاطئ الغربى أيضا، تل مرتفع فى وسطه برج ارتدم نصفه، وفى أسفل التل حوض نصف دائرة، يدل على أن هذا المحل كان مرسى للمراكب فى الأعصر الخالية. وقد حفر بعض الناس سابقا فى هذا الموضع فوجد عشرين عمودا من الرخام فترتب على ذلك سجنه ومضايقته وسلب أمواله.

وظن بعض الجغرافيين أن مدينة كانوب القديمة كانت فى هذا الموضع، وليس ظنه بصواب، لأن مدينة كانوب كانت محل بوقير أو بقربه، والذى يقرب من الصواب أن هذا التل فى محل مدينة بولبتين، كما قاله العالم نويل: «إن مدينة بولبتين كانت على بعد قليل من رشيد». فلعل العمد التى وجدت هناك من آثار تلك المدينة التى تكلم عليها استرابون وأنينى البيزانتى. وفى/غربى هذا التل مدافن أموات رشيد، وفضاء متسع مغطى بالرمال. وفى مدينة رشيد أورباويون وأقباط بكثرة.