وصل إلى هناك خرجت العثمانية، ومعهم إبراهيم أفندى-حاكم رشيد-إلى برج مغيزل وتحصنوا به فحاصرهم سليمان كاشف. وبينما هم على ذلك وإذا بالسيد على باشا القبطان وصل إلى رشيد، وأرسل إلى سليمان كاشف يعلمه بحضوره وحضور على باشا والى مصر، ويقول له ما هذا الحصار ولأىّ شئ تقاتل العثمانية؟، فلم يصغ لقوله واستمر على حصارهم، ثم وصل البرديسى إلى رشيد وكان غالب أهلها انجلى عنها ولم يبق فيها إلا القليل فجعل عليهم فرضة-يقال إنها ثمانون ألف ريال-، وكان السيد على باشا القبطان التجأ بالعثمانية ببرج مغيزل وتحصن به، فحاصره البرديسى. وفى أثناء الحصار بعث إليه حسن بك قرابة، على باشا الطرابلسى الوالى، يقول له:«ما المراد من تلك المحاربات؟ فإن كان حضرة الباشا قد جاء واليا على مصر فليأت إلينا على الشرط المعروف بيننا، ويقييم معنا على الرحب والسعة، وإن كان غير ذلك فأخبرونا، وقد أمهلناكم ثلاثة أيام»، فلم يجبه بشئ فوقع الحرب بينهم، حتى أنه فى يوم واحد أحرق البرديسى وقومه من البارود مائة وخمسين قنطارا، وأرسل إلى مصر يطلب بارودا وبنبا ومدافع فأرسلت إليه، وتتابع الإرسال وبقى الحصار نيفا وعشرين يوما، وكانت عاقبة ذلك نصرة البرديسى على العثمانية، واستولى على برج رشيد وقبض على السيد علّى القبطان وجماعة من أمرائه وعسكره، وأرسلوا جميعا إلى ناحية الشرقية فى ذل الأسر، ليسافروا من هناك إلى الشام بعد أن قتل منهم من قتل. ولما وصل خبر ذلك إلى مصر فى الثالث والعشرين من الشهر، عملوا شنكا ثلاثة أيام. ولما انحسمت تلك المادة ارتحل البرديسى بالأجناد المصرية من رشيد إلى دمنهور، وعزم على التوجه إلى الإسكندرية وأرسل يطلب ذخيرة وجنجانة ومماليك وعساكر، ورتب فردة على الجهات وأشيع خبرها بين الناس وحصل الانزعاج، واستمر الارجاف والخوف أياما.
ومن تتابع الفرد والكلف على البلاد خرب أكثرها وانجلى أهلها عنها، خصوصا إقليم البحيرة، وكان البرديسى قد شحن برج مغيزل بالذخيرة والجبخانة وأبقى برشيد وبناحية البوغاز جملة من العساكر، وضرب على رشيد عدة فرض ومغارم، وفتح بيوت الراحلين عنها ونهبها، وأخذ أموالهم من الشوادر والحواصل فاستولى على الأخشاب والبن والأرز ونحوها، وقلت الأقوات والعليق، فعلفوا الدواب الأرز بدل الشعير.
ثم إن البرديسى بعد أن أبقى بدمنهور جملة من العسكر رجع إلى مصر، وصل إلى