والعربية والترتيبات العسكرية وإنشاء المهمات الحربية، ثم جعل ناظر المهمات الحربية فبذل فيها جهده وحمدت مساعيه، وأقام بهذه الوظيفة زمنا ثم ترقى إلى رتبة أمير ألاى، وكان يأخذ عنه الهندسة جماعة من رجال الحكومة مثل المرحوم (إبراهيم بيك رأفت) و (مصطفى أفندى راسم) معلم الهندسة بالقصر العينى و (حسن أفندى الغورى) خوجة الهندسة بمدرسة طرا، ثم فى سنة تسع وأربعين ومائتين وألف ألقى فى حقه (عبد الرحمن بيك) فتنة وحرك عليه رؤساء مصلحته؛ فرفع من تلك الوظيفة وأقيمت عليه قضية استمرت نحو ثمانية أشهر، وظهرت براءته وخلوّ ساحته مما رمى به.
وكان المعلمون فى الورش يحضرون إليه بمنزله ويستفهمون منه عن العمل فى البنادق والمدافع ونحو ذلك وهو يفيدهم بجد واجتهاد؛ رغبة منه فى خدمة الديار المصرية، ولما قدم المرحوم سر عسكر (إبراهيم باشا) من الديار الشامية سنة خمسين مدحه عند العزيز وذكر نصحه واجتهاده فى خدمته فأنعم عليه برتبة أمير لواء وأعيد إلى المصلحة، وبعد موت (مختار باشا) أضيفت إليه مصلحة المدارس؛ فصار مدير المدارس المصرية ومفتش المهمات الحربية، وفى زمن المرحوم (عباس باشا) جعل له نظر أوقاف الحرمين الشريفين مع المهمات الحربية وأنعم وعليه بأرض سبرباى، وفى زمن المرحوم (سعيد باشا) جعل محافظ مصر المحروسة وأنعم عليه برتبة أمير ميران وأحيل عليه قلم الهندسة مع المهمات الحربية، وفى زمن الخديو إسماعيل باشا عوفى من الخدمة وسافر إلى القسطنطينية ومات بها سنة ست وثمانين ومائتين وألف.
وكان رقيق القلب رحيما كثير الصدقة، يباشر المصالح بنفسه بلا تعاظم ولا تكبر، ويلاطف أصحاب الحاجات حتى يقف على حقيقة شكواهم، ويقوم بنصر المظلوم، واعتنى بالمدارس واجتهد فى أسباب الرغبة فيها، فكان يجل المجدّين من التلامذة والمعلمين ويسعى فى ترقّيهم ليجتهد غيرهم؛ فظهرت النجابة فى جميعهم أو أكثرهم وحصّلوا فى وقته تحصيلا جما، ومن إنشائه