لسرياقوس، فإنه اشتغل فى سنة ثمانمائة بتحرك المماليك عليه من وقت قيام الأمير على باى إلى أن مات، وقام من بعده ابنه الملك الناصر فرج، فما صفا الوقت فى أيامه من كثرة الفتن، وتواتر الغلوات والمحن إلى أن نسى ذلك وأهمل أمر الميدان والقصور وخرب، وفيه إلى اليوم بقية قائمة، ثم بيعت هذه القصور فى صفر سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمائة دينار لينقض خشبها وشبابيكها ونحو ذلك فنقضت كلها.
وكان من عادة السلطان إذا خرج إلى الصيد لسرياقوس أو شبرى أو البحيرة أنه ينعم على أكابر الدولة قدرا، وسنا كل واحد بألف مثقال ذهبا وبرذون خاص مسرج ملجم وكنبوش مذهب، وكان من عادته إذا مر فى متصيداته بإقطاع أمير كبير قدم له من الغنم والأوز والدجاج وقصب السكر والشعير ما تسمو همة مثله إليه، فيقبله السلطان منه وينعم عليه بخلعة كاملة، وربما أمر لبعضهم بمبلغ مال.
وكانت عادة الأمراء أن يركب الأمير منهم حيث يركب فى المدينة وخلفه جنيب، وأما أكابرهم فيركب بجنيبين هذا فى المدينة والحاضرة، وهكذا يكون إذا خرج إلى سرياقوس وغيرها من نواحى الصعيد، ويكون فى الخروج إلى سرياقوس وغيرها من الأسفار لكل أمير طلب يشتمل على أكثر مماليكه، وقدامهم خزانة محمولة على جمل واحد يجره راكب آخر على جمل، والمال على جملين، وربما زاد بعضهم على ذلك، وأما الخزانة عدة جنائب تجر على أيدى مماليك ركاب خيل وهجان وركاب من العرب على الهجان، وأمامها الهجان بأكوارها مجنوبة، وللطبلخاناه قطار واحد وهو أربعة، ومركوب الهجان والمال قطاران وربما زاد بعضهم، وعدد الجنائب فى كثرتها وقلتها إلى رأى الأمير وسعة نفسه، والجنائب منها ما هو مسرج ملجم ومنها ما هو بعباءة لا غير، وكان يضاهى بعضهم بعضا فى الملابس الفاخرة والسروج المحلاة والعدد المليحة.