للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونحوها فحكم الحاكم فيها لا أثر له، وادعوا أن الإجماع قائم على ذلك، فقال المناوى: الأحكام ما هى بالفتاوى، وكان قد قال فى مجلس غير هذا المجلس لا يلتفت إلى قول المفتين، فقالوا له: إن منصب الفتوى أوّل من قام به رب العالمين، إذ قال فى كتابه المبين: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ﴾، فاستدرك نفسه بعد ذلك، وقال: لم أرد إلا أن الفتوى إذا خالفت المذهب فهى باطلة، قالوا له: وأخطأت فى ذلك أيضا، لأن الفتوى قد تخالف المذهب المعين ولا تخالف الحق فى نفس الأمر، قال: فأردت بذلك الفتوى التى تخالف الحق، قالوا: أطلقت فى موقع التقييد وذلك خطأ، فقال السلطان:

إذا قدر هذا وادعيت أن الفتوى لا أثر لها فتبطل المفتين والفتوى من الوجود، فتلكأ وحار وقال: كيف العمل فى هذا، وتبين لبعض الحاضرين أنه لم يتبين له وجه المسأله، فقال: لا شك أن مولانا السلطان لم ينكر صدور الوقف، وإنما أنكر المصارف، وللسلطان أن يحكم فيها بعلمه ويبطل ما قرروه من عند أنفسهم، قال: كيف يحكم لنفسه؟ قيل له: ليس هذا حكما لنفسه؛ لأنه مقر بأصل الوقف، وله أن يوقع الشهادة على نفسه بأن مصير هذا الوقف للجهة الفلانية دون الفلانية، ولم يزالوا يذكرون له أوجها تبين بطلان الوقف إما بأصله أو بوصفه إلى أن قال: يبطل بوصفه دون أصله، وأذعن لذلك بعد إقناع من العلماء وإزعاج شديد من السلطان، فى بيان وجوه ذكروها تبين وجه الحق، ثم استقر رأيه على أن يبطله بشاهدين يشهدان أن السلطان لما صدر منه هذا الوقف كان قد اشترط لنفسه التغيير والتبديل والزيادة والنقص وقام على ذلك، وهذه الأرض التى ذكرت هى الآن بيد أولاد الهرماس بحكم الكتاب الذى حاول السلطان نقضه فلم يوافقه المناوى، انتهى من «خطط المقريزى» باختصار.

وقال أيضا: ولم يزل هذا الرسم أى التردد إلى سرياقوس والهبات فيها مستمرّا إلى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وهى آخر سرحة سار فيها السلطان إلى سرياقوس، ومن هذه السنة انقطع السلطان الملك الظاهر برقوق عن الحركة