الاثنين من شهر صفر سنة ألف ومائتين وتسع عشرة إلى بيت الست نفيسة زوجة مراد بيك وطلباها إلى الباشا، فأخذوها ومعها امرأتان فطلعوا بهن إلى القلعة، وكذلك أرسلوا يفتشون على باقى نساء الأمراء، فاختفى غالبهن وقبض على بعضهن، وذلك كله بعد عصر ذلك اليوم، فلما حضرت بين يديه قام إليها وأجلّها وأمرها بالجلوس، ثم قال لها: يصح أن جاريتك منور تتكلم مع صادق أغا وتقول له يسعى فى أمر المماليك العصاة، وتلتزم له بالمكسور من جامكية العساكر!؟ فأجابته: إن ثبت أن جاريتى قالت ذلك فأنا المأخوذة به دونها، فأخرج من جيبه ورقة وقال لها: وهذه؟ فقالت: وما هذه الورقة؟ أرنيها فإنى أعرف أقرأ لأنظر ما فيها، فأدخلها ثانيا فى جيبه، ثم قالت له: أنا من منذ عشت بمصر وقدرى معلوم عند الأكابر والسلطان، ورجال الدولة وحريمهم يعرفوننى أكثر من معرفتى بك، ولقد مرت بنا دولة الفرنسيس الذين هم أعداء الدين فما رأيت منهم إلا التكريم، وكذلك سيدى محمد باشا كان يعرفنى ويعرف قدرى، ولم نر منه إلا المعروف، وأما أنت فلم يوافق فعلك وفعل أهل دولتك. فقال: ونحن أيضا لا نفعل غير المناسب، فقالت له: وأى مناسبة فى أخذك لى من بيتى بالوالى مثل أرباب الجرائم؟ فقال: إنه أكبر أتباعى وأرسلته لك من باب التعظيم، ثم أمرها بالتوجه إلى بيت السحيمى بالقلعة، وأجلسوها عنده بجماعة من العسكر، وأصبح الخبر شائعا بذلك فتكدّرت خواطر الناس، وركب القاضى ونقيب الأشراف والشيخ السادات والشيخ الأمير المترجم، وكلموه فى شأنها، فقال: إنها سعت مع بعض كبار العسكر تستميلهم إلى المماليك العصاة ووعدتهم بدفع علوفاتهم، فقالوا: إن ثبت عليها ذلك فإنها تستحق ما تأمرون به، فيحتاج أن تتفحص، وقام إليها الفيومى والمهدى وخاطبوها فى ذلك، فقالت: هذا الكلام لا أصل له وليس لى فى المصريين زوج حتى إنى أخاطر بسببه، فإن كان قصده مصادرتى فلم يبق عندى شئ وعلىّ ديون كثيرة، فعادوا إليه وتكلموا معه وراددهم، فقال الشيخ الأمير للترجمان: قل لأفندينا هذا أمر غير مناسب ويترتب عليه مفاسد؛ وبعد ذلك